للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رحيم، وإن كانت الثانية فإثم القتل في عنقه. قال ابن عبّاس: (لو كانت ندامته على قتله لكانت توبة منه).وقيل: إنه إنما ندم لأنه لم ينتفع بقتله ولم يحصل له مراده، فكان ندمه لأجل ذلك لا يقبح فعله، ولو كان ندمه تقرّبا إلى الله عزّ وجلّ.

قال ابن عبّاس: (فقال الله تعالى لقابيل: كن خائفا لا ترى شيئا إلاّ خفت منه أن يقتلك، قال: وكان كلّ من رأى قابيل رماه بالحجارة، فأبصره بعض ولد ولده فرماه بالحجارة حتّى قتله) ويقال: كان على جبل فنطحه ثور فوقع إلى سفح الجبل فتفرّقت أوصاله. وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: [لا تقتل نفس ظلما إلاّ كان على ابن آدم كفل من دمها، لأنّه أوّل من سنّ القتل] (١).

قال مقاتل: (وتزوّج شيث بإقليما) (٢).وقال الضحّاك: (لمّا قتل قابيل هابيل حمله على ظهره، ولم يدر كيف يصنع به، فمكث ثلاثة أيّام يحمله على ظهره لا يدري ماذا يصنع به، فبعث الله غرابين يقتتلان، فقتل أحدهما صاحبه، ثمّ أخذ يحفر في الأرض، وأخذ برجل الغراب القتيل وألقاه في الحفيرة) فذلك قوله تعالى:

{(فَبَعَثَ اللهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ)} (٣).

قوله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ؛} أي من أجل ذلك القتل الذي عرفه بنو إسرائيل واشتهر عندهم، فرضنا وأوجبنا عليهم في التّوراة:

{أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ؛} أي من غير أن يجب عليه القود، {أَوْ؛} بغير؛ {فَسادٍ فِي الْأَرْضِ؛} نحو الشّرك وقطع الطريق والزّنا عند الإحصان، {فَكَأَنَّما قَتَلَ النّاسَ جَمِيعاً؛} أي استوجب النار بقتل النفس الواحدة، كما يستوجبها من قتل الناس جميعا، وقيل: معناه: إنّ على الناس كلهم معونة وليّ القتيل حتى يفتدوه، ويكونوا كلّهم خصما للقاتل حتى يقاد. وقيل: إن المراد به استحقاق القتل عليه بقتل النفس الواحدة.


(١) أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب أحاديث الأنبياء: باب خلق آدم وذريته: الحديث (٣٣٣٥).
(٢) في تفسير مقاتل: ج ١ ص ٢٩٦؛ قال مقاتل: «وتزوج شيث بن آدم ليوذا التي ولدت مع هابيل».
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: النص (٩١٨٥) مختصرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>