للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أمّن المسلمين منهم فهو آمن، ومن مرّ بهلال بن عويمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو آمن].

فمرّ قوم من بني كنانة يريدون الإسلام على قوم ممّن أسلم من قوم هلال، ولم يكن هلال يومئذ حاضرا، فخرج أصحابه إليهم فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله فيهم هذه الآية) (١).

ومعناها: {(إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ)} الفساد نحو القتل والنّهب والتخريب وقطع الطريق {(أَنْ يُقَتَّلُوا)} إن قتلوا أحدا ولم يأخذوا المال {(أَوْ يُصَلَّبُوا)} مقتولين إن قتلوا وأخذوا المال، {(أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ)} اليد اليمين من الرّسغ، والرّجل اليسرى من الكعب إن أخذوا المال ولم يقتلوا أحدا، {(أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ)} إن أخافوا الطريق ولم يفعلوا سوى ذلك.

واختلفوا في معنى النّفي، قال بعضهم: يعني الحبس، وقال بعضهم: هو الطلب حتى لا يستقرّ بهم مكان. والتوفيق بين القولين: أنّهم إن أخذوا بعد ما أخافوا الطريق؛ أودعهم الإمام السّجن حتى يتوبوا أو يموتوا، وإن لم يؤخذوا أمر بطلبهم، وأمر أن ينادى في الناس: أنّ من قتلهم لا سبيل عليه.

وإنما سمي الحبس نفيا؛ لأنه يمنع المحبوسين من التردّد والتصرّف في الأرض، ويكون ذلك بمنزلة النّفي من الأرض.

واختلفوا في كيفيّة الصّلب مع القتل. قال أبو حنيفة: (يصلب حيّا ليرى النّاس ويروه؛ ويكون ذلك زيادة عقوبة له، ثمّ تبعج بطنه بالرّمح؛ يطعن في خاصرته حتّى يموت).وقال أبو يوسف والشافعيّ: (يقتل ثمّ يصلب).قوله تعالى: {ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا؛} أي فضيحة في الدنيا، {وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ} (٣٣)؛أعظم من هذا.

وقال مقاتل وسعيد بن جبير: (نزلت هذه الآية في قوم من بني عرينة، قدموا المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبايعوه على الإسلام، وهم كذبة وليس يريدون


(١) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>