للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا؛} أي ومن يهود المدينة الذين هم أهل الصّلح للنبيّ صلى الله عليه وسلم.

وفي هذا تسلية للنبيّ صلى الله عليه وسلم وتثبيت لفؤاده بوعد النّصرة والظفر، وإعلام أنّ اليهود والنصارى والمنافقين لا يضرّونه.

قوله تعالى: {سَمّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ؛} أي قابلون للكذب، يعني بني قريظة هم سمّاعون لقوم آخرين لم يأتوك، يعني يهود خيبر، وذلك: أنّ رجلا وامرأة من أشراف أهل خيبر زنيا، وكانت خيبر حربا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان الزّانيان محصنين، وكان حدّهما الرّجم في التّوراة، فكرهت اليهود رجمهما لشرفهما، وقالوا: إنّ هذا الرّجل الّذي في يثرب ليس في كتابه الرّجم ولكنّه الضّرب، فأرسلوا إلى إخوانكم بني قريظة، فإنّهم صلح له وجيرانه فيسألونه عن ذلك، فبعثوا رهطا منهم مستخفين، وقالوا لهم: اسألوا محمّدا عن الزّانيين محصنين ما حدّهما؟ فإن أمركم بالجلد فاقبلوا منه، وإن أمركم بالرّجم فاحذروه ولا تقبلوا منه، وأرسلوا الزّانيين معهم.

فقدم الرّهط إلى بني قريظة والنّضير، وذكروا لهم ذلك وقالوا: اسألوا لنا محمّدا عن قضائه، فقال لهم بنو قريظة: إذا والله يأمركم بما تكرهون، ثمّ انطلق منهم قوم مثل كعب بن الأشرف وكعب بن أسد وسبعة بن عمر ومالك بن الصّيف وعازوراء وغيرهم، وقالوا: يا محمّد أخبرنا عن الزّانية والزّاني إذا أحصنا ما حدّهما وكيف تجد في كتابك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: [وهل ترضون بقضائي في ذلك؟] قالوا: نعم، فنزل جبريل عليه السّلام بالرّجم، فأخبرهم فأبوا أن يأخذوا به.

فقال جبريل عليه السّلام: اجعل بينك وبينهم ابن صوريّا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: [هل تعرفون شابّا من الرّبيّين أعور سكن فدك؟] قالوا: نعم، قال: [فأيّ رجل هو فيكم؟] قالوا: هو أعلم من على وجه الأرض من اليهود بالتّوراة، قال:

[فأرسلوا له]،ففعلوا، فأتاهم ابن صوريّا، فقال له النّبيّ صلى الله عليه وسلم: أنت ابن صوريّا؟] قال: نعم، قال: [أنت أعلم اليهود؟] قال: كذلك يزعمون، قال: [أتجعلونه بيني وبينكم؟] قالوا: نعم قد رضينا به إذا رضيت به.

فقال له النّبيّ صلى الله عليه وسلم: [أنشدك بالله الّذي لا إله إلاّ هو القويّ، إله بني إسرائيل الّذي أنزل التّوراة على موسى، والّذي فلق لكم البحر فأنجاكم وأغرق آل فرعون،

<<  <  ج: ص:  >  >>