والّذي ظلّل عليكم الغمام، وأنزل عليكم المنّ والسّلوى، هل تجدون في كتابكم الرّجم على من أحصن؟] قال ابن صوريّا: نعم والّذي ذكّرتني به؛ ولولا خشية أن تحرقني التّوراة إن كذبت أو غيّرت لما أعرفت لك، ولكن كيف في كتابك يا محمّد؟ قال:[إذا شهد أربعة عدول أنّه أدخل فيها، كما يدخل الميل في المكحلة وجب عليه الرّجم]،قال ابن صوريّا: والّذي أنزل التّوراة على موسى لهكذا أنزل على موسى.
فقال له قومه: ما أسرع ما صدقته، أما كنت لمّا أتينا عليك بأهل وما أنت بأعلمنا، فقال لهم: أنشدني بالتّوراة، ولولا خشية التّوراة أن تهلكني لما أخبرته، وخفت إن كذبته أن ينزل بنا عذاب شديد.
فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجم اليهوديّين الزّانيين، وقال:[أنا أوّل من يحيي سنّة إذا أماتوها]،فنزل قوله تعالى: {(يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ)} فلا يخبركم به.
فقال ابن صوريّا: أنشدك بالله يا محمّد أن تخبرنا بالكثير الّذي أمرت أن تعفو عنه، فأعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ابن صوريّا: أخبرنا عن ثلاث خصال، قال:[ما هنّ؟] قال: أخبرني عن نومك؟ قال:[تنام عيناي وقلبي يقظان]،قال: صدقت.
قال: فأخبرني عن شبه الولد بأبيه ليس فيه من شبه أمّه شيء، وعن شبه أمّه ليس فيه من شبه أبيه شيء، قال:[أيّهما علا وسبق ماؤه ماء صاحبه كان الشّبه له]، قال: صدقت.
فأسلم ابن صوريّا حينئذ وقال: يا محمّد من يأتيك من الملائكة بالوحي؟ قال:
[جبريل] قال: صفه لي، قال: فوصفه له النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: أشهد أنّه في التّوراة كما قلت، وإنّك رسول الله، فلمّا أسلم ابن صوريّا شتموه (١).
(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند: ج ١ ص ٢٧١ بمعناه، ولم يذكر فيه (ابن صوريا).وذكر ابن هشام في السيرة النبوية ج ٢ ص ٢١٣ - ٢١٤ القصة بسياق آخر وفيها اعتراف ابن صوريا بنبوة سيدنا الرسول محمّد صلى الله عليه وسلم، وذكر حسد اليهود له.