قوله سبحانه وتعالى:{إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ}(٥١)؛أي لا يرشد اليهود والنصارى إلى دينه، وحجّته ما داموا على كفرهم.
قوله سبحانه وتعالى:{فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ؛} وذلك أنّ المنافقين كانوا يودّون يهود عرينة ونصارى نجران؛ لأنّهم كانوا أهل ريف، وكانوا يمرّون بهم فيقرضونهم، فقال المنافقون: كيف نقطع مودّة قوم إن أصابتنا سيّئة، واحتجنا إليهم وسعوا علينا في المنازل، وعرضوا علينا الثمار في القابل، فنزل قوله سبحانه وتعالى: {(فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ)} أي ترى يا محمّد الذين في قلوبهم شكّ ونفاق يبادرون إلى ولاية الكفّار ومعاقدتهم، {يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ؛} شدّة وجدوبة.
ويقال: أراد بهذا القول أنّهم يخشون أن لا يتمّ أمر محمّد صلى الله عليه وسلم بأن يدور الأمر على الحالة التي هم عليها فيحتاجون إلى الكفّار. يقول الله سبحانه وتعالى:{فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ؛} أي عسى أن يظهر المسلمون، و (عسى) من الله واجبة.
وسمّى النصر فتحا؛ لأن فيه فتح الأمر المغلق.
قوله سبحانه وتعالى:{أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ؛} معناه: أو يقضي بالخصب لمحمّد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ويقال هو أن يؤمر النبيّ صلى الله عليه وسلم بإظهار أمر المنافقين وقتلهم، {فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ}(٥٢)؛فيصبح المنافقون على ما أضمروا في أنفسهم من ولاية رءوس اليهود والنصارى إليهم نادمين، فلا تنفعهم الندامة حينئذ.
قوله عزّ وجلّ:{وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ؛} قرأ أهل الكوفة: «(ويقول)» بالواو والرفع على الاستئناف، وقرأ أهل البصرة بالنصب والواو عطف على {(أَنْ يَأْتِيَ)،} وقرأ الباقون برفع اللام وحذف الواو.
ومعنى الآية: يقول المؤمنون المخلصون عند ما أظهر الله نفاق المنافقين: {(أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللهِ)} يعنون المنافقين الذين حلفوا بالله أنّهم لمعكم على دينكم،