للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أهلا لذلك، {وَاللهُ واسِعٌ؛} الفضل والرحمة، {عَلِيمٌ} (٥٤)؛من يصلح للهدى.

قوله عزّ وجلّ: {إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ} (٥٥)؛قال ابن عبّاس: (نزلت هذه الآية في مسلمي أهل الكتاب: عبد الله بن سلام وأصحابه، قالوا: يا رسول الله، بيوتنا قاصية، ولا نجد متحدّثا دون هذا المسجد، وإنّ قومنا من بني قريظة والنّضير لمّا رأونا قد آمنّا بالله ورسوله وتركناهم ودينهم، أظهروا لنا العداوة، وأقسموا أن لا يناكحونا ولا يواكلونا ولا يخالطونا، ولا نستطيع أن نجالس أصحابك لبعد الموضع.

فبينما هم يشكون على رسول الله صلى الله عليه وسلم والنّاس في المسجد يصلّون فيه من قائم وراكع وساجد، إذا بمسكين يطوف يسأل النّاس، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه، فقال له: [أعطاك أحد شيئا؟] قال: نعم، قال: [ماذا؟] قال: خاتم فضّة، قال:

[من أعطاكه؟] قال: ذاك الرّجل، فإذا هو عليّ رضي الله عنه، قال: [على أيّ حال أعطاكه؟] قال: أعطانيه وهو راكع، فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية على عبد الله بن سلام وأصحابه) (١).

وألبسهم بما أبدلهم الله به من ولايته وولاية رسوله وولاية المؤمنين، ومعنى الآية: إنّما حافظكم وناصركم الله ورسوله والمؤمنون الذين يقيمون الصلاة بحقوقها ويؤتون الزكاة في حال ركوعهم. وفي الآية دليل على إباحة العمل اليسير في الصّلاة، فلما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم الآية قال عبد الله بن سلام وأصحابه: (رضينا بالله وبرسوله وبالمؤمنين أولياء).

وروي أن عبد الله بن عبّاس رضي الله عنهما كان ذات يوم جالسا عند شفير زمزم يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا أقبل رجل متعمّم بعمامة قال: فهلاّ ابن عبّاس لا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا قال ذلك الرّجل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال ابن عبّاس:

سألتك بالله من أنت؟ فكشف العمامة عن وجهه وقال: أيّها النّاس من عرفني فقد


(١) في الدر المنثور: ج ٣ ص ١٠٥ - ١٠٦؛ قال السيوطي: «أخرجه ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ... ».

<<  <  ج: ص:  >  >>