للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عرفني، ومن لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة البدريّ، أنا أبو ذرّ الغفّاريّ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بهاتين وإلاّ فصمّتا، ورأيته بهاتين وإلاّ فعميتا، يقول على قائد البردة وقاتل الكفرة: [منصور من نصره، مخذول من خذله].

أما إنّي صلّيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما من الأيّام صلاة الظّهر، فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد، فرفع السّائل رأسه إلى السّماء وقال: اللهمّ اشهد أنّي سألت في مسجد رسولك صلى الله عليه وسلم يوما من الأيّام فلم يعطني أحد، وكان عليّ راكعا فأومأ إليه نحوه بخنصره اليمنى وكان فيها خاتم، فأخذ السّائل الخاتم من خنصره وذلك بحضرة النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فلمّا فرغ من صلاته رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه إلى السّماء قال: [اللهمّ أخي موسى سألك قال: اللهمّ {اِشْرَحْ لِي صَدْرِي، وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي، وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي، وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي، هارُونَ أَخِي، اُشْدُدْ بِهِ أَزْرِي، وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي} فأنزلت عليه {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا} (١)،اللهمّ وأنا محمّد نبيّك وصفيّك، اللهمّ فاشرح لي صدري، ويسّر لي أمري، واجعل لي وزيرا من أهلي عليّا اشدد به ظهري].

قال أبو ذرّ: فما استتمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكلام حتّى نزل جبريل عليه السّلام بهذه الآية {(إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ)}.

قوله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا؛} أي من تخيّر طاعة الله ورسوله ومحبّة المؤمنين، {فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ؛} فإن جند الله، {هُمُ الْغالِبُونَ} (٥٦).

قوله سبحانه وتعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ؛} وذلك أنّ اليهود كانوا إذا قام بلال للأذان يضحكون، ويستهزءون ويقولون: قام الغراب لا قام! وإذا قام المؤمنون للصّلاة قالوا: قد قاموا لا قاموا! وإذا رأوهم ركّعا وسجّدا استهزءوا بهم، وتغامزوا فيما بينهم تنفيرا للناس عن الصّلاة وعن الداعي إليها.


(١) القصص ٣٥/.

<<  <  ج: ص:  >  >>