للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروي: أنه لمّا نزلت هذه الآية، أحيا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلته بها، وكان بها يقوم وبها يقعد وبها يسجد، ثمّ قال: [أمّتي أمّتي يا رب]،فنزل عليه جبريل فقال: إنّ الله تعالى يقرؤك السّلام ويقول لك: [إنّا سنرضيك في أمّتك ولا نسوءك] (١).

قوله عزّ وجلّ: {قالَ اللهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصّادِقِينَ صِدْقُهُمْ؛} من قرأ «(يوم)» بالرفع فمعناه: قال الله لعيسى عليه السلام هذا يوم ينفع النبيّين صدقهم بتبليغ الرسالة، والمؤمنين إيمانهم الذي هو صدق في الدنيا والآخرة، ولا ينفع الكفار صدقهم في الآخرة.

ومن قرأ «(يوم)» بالنصب فعلى الظرف، على معنى: قال الله لعيسى هذا القول الذي تقدّم ذكره في يوم ينفع الصادقين صدقهم. وقال الكلبيّ: (معنى الآية: قال الله:

هذا يوم ينفع المؤمنين إيمانهم)،وقيل: ينفع الصّادقين في الدّنيا صدقهم وفي الآخرة.

وقرأ الأعمش «(هذا يوم)» بالتنوين.

قوله تعالى: {لَهُمْ جَنّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ؛} أي بساتين تجري من تحت شجرها وغرفها الأنهار، {خالِدِينَ فِيها أَبَداً؛} أي إلى الأبد، {رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ؛} بإيمانهم وطاعتهم، {وَرَضُوا عَنْهُ؛} بإكرامهم في الجنّة النجاة الوافرة.

وحقيقة الفوز نيل المراد. قوله عزّ وجلّ: {(وَرَضُوا عَنْهُ)} أي بما أكرمهم به من الثواب، {ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (١١٩)؛أي ذلك الثواب والخلود في الجنّة النجاة الوافرة، وحقيقة الفوز نيل المراد.

قوله عزّ وجلّ: {لِلّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما فِيهِنَّ؛} أي لله خزائن السّماوات والأرض، وما فيهنّ من الخلق، يعطي من شاء ما شاء، ويغفر لمن يشاء، ويعذّب من يشاء، {وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (١٢٠)؛مما يريد بعباده من المغفرة والعذاب قادر.

والغرض من هذه الآية نفي الرّبوبية عن عيسى عليه السلام، وبيان أنّ الله تعالى هو المستحقّ للعبادة دون غيره، فإنه هو القادر على كلّ شيء من الجزاء؛ ترغيبا في الطاعة؛ وتحذيرا عن المعصية.


(١) أخرجه مسلم في الصحيح: كتاب الإيمان: باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأمته: الحديث (٢٠٢/ ٣٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>