للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يبكي عليتا ولا نبكي على أحد ... لنحن أغلظ أكباداً من

وفي اتباع ما تيسر، وترك ما تعسر، قول الأعشى:

إذا حاجة ولتك لا تستطيعها ... فخذ طرفاً من غيرها حين تسبق

ونحوه قول عمرو بن معد يكرب:

إذا لم تستطع شيئاً فدعه ... وجاوزه إلى ما تستطيع

وقد سبق إليه امرؤ القيس في قوله:

وخير ما رمت ما ينال

وفي التحذير من فعل السوء مخافة قول عمرو بن كلثوم:

ألا لا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا

أي فنعاقبه، فسمى المجازاة على الجهل جهلاً كقوله تعالى:) الله يستهزئ بهم (.

وفي التشكي من قلة الإخوان الصادقين قول امرؤ القيس:

إذا قلت: هذا صاحب قد رضيته ... وقرت به العينان بدلت آخرا

كذلك جدّي ما أُصاحب صاحباً ... من الناس إلاّ خانني وتغيّرا

وأخذ الشعراء هذا المعنى كثيراً كقول الأندلسي:

وزهدني في الناس معرفتي بهم ... وطول اختباري صاحباً بعد صاحب

فلم ترني الأيام خلاً تسرني ... مباديه إلاّ ساءني في العواقب

ولا قلت: أرجوه لدفع ملمّة ... من الدهر إلاّ كان إحدى المصائب

وذكر عن ابن العباس النيسابوري أنه قال: لو صحت صلاة بغير قراءة القرآن لصحت بهذا البيت:

أتمنى على الزمان محالاً ... أن ترى مقلتاي وجنة حر

ويحكى أن علوية غنى بين يدي المأمون بن الرشيد - رحمهم الله -:

وإني مشتاق إلى ظل صاحب ... يروق ويصفو إن كدرت عليه

يوافقني في كلّ أمر أرومه ... ويغفر ذنبي إن أسأت إليه

فقال المأمون: أعطوني هذا الصاحب وخذوا نصف الخلافة، والشعر لأبي العتاهية.

ولابن حمديس من قصيدة:

فلا ترج من دنياك خيراً وإن يكن ... فما هو إلاّ مثل ظلّ سحاب

وما الحزم كل الحزم إلاّ اجتنابها ... وأشقى الورى من تصطفي وتحابي

ولغيره:

وإخوان وثقت بهم فأضحى ... أذاهم يعتريني كل حين

فلما أن أسأت الظنّ كفوا ... فيا عجباه من ظن يقيني

طرفة:

كل خليل كنت خاللته ... لا ترك الله له واضحه

كلهم أروغ من ثعلب ... ما أشبه الليلة بالبارحة!

غيره:

وكنت أخي بإخاء الزمان ... فلما انقضى صرت حرْباً عوانا

وكنت أُعدّك للنائبات ... فهم أن أطلب منك الأمانا

غيره:

فلا تغترّ من خلّ ببشر ... ولا يتودد عند التلاقي

فكم نَبْت نضير راق حسناً ... عياناً وهو مُرٌّ في المذاق

غيره:

كان ما كان وانقضى ومضى ... وقد طويت بساطاً كنت ناشره

لما رأيتك لا تبقي على أحد ... فكيف أحسد بعدي من تعاشره

وقال سعيد بن حميد من أبيات:

وما أنت إلاّ كالزمان تلونت ... نوائب من أحداثه وأمور

فإن قل إنصاف الزمان وعدلُه ... فمن ذا على جور الزمان يُجير؟

وقال جحظة:

ضاقت عليّ وجوه الرأي في نفر ... يلقون بالجحد والكفران إحساني

قلّب الطرف تصعيداً ومنْحَدَراً ... فما أقابل إنساني بإنسان

وقال:

وإذا جفاني صاحب ... لم أستجر ما دمت قطْعَهْ

وتركته مثل القب ... ر أزورها في كل جمعة "

وفي التفجع على الشباب قول حميد بن ثور الهلالي:

ليالي أبصار الغواني وسمعها ... إلي وإذْ ريحي لهنّ جنوب

وإذا شعري ضافٍ ولوني مُذهَب ... وإذا ليَ في ألبابهنّ نصيب

فلا يبعد الله الشباب وقولنا ... إذا ما صبونا صَبْوةً سنتوب

وقال أبو الفضل المكيالي بل ابن الرومي:

يمضي الشباب ويبقى من لبانته ... شجو على النفس لا ينفك يشجيها

ما كان لي دون إعجاب النساء به ... والنفس أوجب إعجاباً لما فيها

وقال قتادة في قوله تعالى) وَجَاءكُمْ النَّذيِرُ (يعني الشيب.

وقال المهلبي:

صبغت الرأس ختلاً للغواني ... كما غطى على الرِّب المريب

أعلل مرة وأساء أخرى ... ولا تحصى من الكبر العيوب

أُسوف توبتي خمسين حولاً ... وظني أن مثلي لا يتوب

يقَوَّمُ بالثِّقافِ العود لدْناً ... ولا يتقَّومُ العودُ الصليب

وكان مالك بن دينار يقول: ما أشد فطام الكبير، وقال آخر:

<<  <   >  >>