للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألا يا حبذا نفحات نجد ... وريا روضه بعد القِطار

وأهلك إذ يَحلى الحيّ نَجْداً ... وأنت على زمانك غير

شهور ينقضين وما شعرنا ... بأنصاف لهنّ ولا

وقال الآخر:

سقى الله أياماً لنا قد تتابعت ... وسقياً لعصر العامرية من عصر

ليالي أعطيت البِطالة مِقْوَدي ... تمر الليالي والشهور لا أدري

وللإمام سليمان الكلاعي - رضي الله عنه -:

أحن إلى نجد ومن حل في نجد ... وماذا الذي يغني حنينيَ أو يجدي

وقد أوطنوها وادعين وخلفوا ... محبهم رهن الصبابة والوجد

وضاقت عليّ الأرض حتى كأنها ... وشاح بخصْرٍ أو سِوار على زَند

إلى الله أشكو ما ألاقي من الجوى ... وبعض الذي لاقيته من جوى يُردي

فراق أخلاء وصد أحبةٍ ... كأن صروف الدهر كانت على وعد

ليالي نجني الأنس من شجر المنى ... ونقطف زهر الوصل من شجر الصد

وقال الآخر:

إذا أشرف المكروب من رأس تلعة ... على شعب بوان أفاق من الكرب

وألهاه بطن كالحرير لطافةً ... ومطرّد يجري من البارد العذب

فيا لله يا ريح الجنوب تحملي ... إلى شعب بوان سلام فتى صب "

ولا ينحصر هذا الفن والاشتغال به يطيل.

لله الأمر من قبل ومن بعد

[حنين المؤلف إلى الزاوية الدلائية]

وكنت لما نزلت بخلفون على أم ربيع ذكرت من كان معنا في الزاوية الدلائية من المعارف والأحباب، وكانوا يومئذ قد شرقوا لناحية تلمسان فقلت:

سلام على الأحباب غير مضيع ... لذي شرف ذكراً ولا لوضيع

سلام محب لا يزال أخا هوى ... إلى جلة قد شرقوا ونزوع

ومن يسأل الركبان عني فإنني ... حللت ببيتي حول أم ربيع

فألفيته يحكي زفيري زفيرة ... بقلب كقلبي بالفراق صديع

ويسعدني في عبرتي غير أنه ... يخالفني في مهبط وطلوع

فتجري إلى مَهْفى الجنوب دموعه ... وتجري إلى مَهْفى الشمال دموعي

ولما كنت بمدينة مراكش - حرسها الله تعالى - " سنة ثلاث وتسعين وألف " وقد بقيت الأملاك في خلفون والكتب وما معها في مكناسة وبقيت العلائق في جبال فازاز والقبيلة في ملوية " قلت ":

تشتت قلبي في البلاد فقسمة ... بمراكش منه على رجل طائر

وأخرى بخلفون وأخرى مقيمة ... بمكناسة الزيتون حول الدفاتر

وأخرى بفازاز وأخرى تجزأت ... بملوية الأنهار بين العشائر

وأخرى بذاك الغرب بين أحبتي ... بأهل البوادي منهم والحواضر

فيا رب فاجمعها فإنك قادر ... عليها وما غير الإله بقادر

ويا رب فأجعلها بأوطانها فما ... عُبَيدك للبنين المشت بصابر

لك الفضل والإحسان بدءاً وآخراً ... وإني لما أوليتني جِدُّ شاكر

فمُنَّ بإنعام وجُد لي بحاجتي ... ورفق بقلب للهموم مسامر

فمالي إلاّ بابك الرحب ملجأ ... وما طلب الحاجات منك بضائر

ومالي إلاّ جودك الجمّ شافع ... وحسبي بفيض منه أغزر وافر

وصفوتك المبعوث للناس رحمة ... بشيراً شفيعاً مظهراً بالبشائر

صلاة وتسليم عليه مدى المدى ... وعترته والصّحب أهل البصائر

وجرى يوماً ذكر البيتين اللذين أنشدهما سيدنا بلال - رضي الله عنه - وهما قوله:

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... بواد وحولي إذخر وجليل

وهل أردن يوماً مياه مَجَنّةٍ ... وهل يبدون لي شامة وطفيل

فهاج لي إلى الأوطان اشتياق، فقلت نحو هذا المساق:

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... بسهب الشنين أو بسهب بني ورا

وهل تعبرن نهر العبيد ركائبي ... وهل تتركن داياً وأدواءَها ورا

وهل أردن عسلوج يوماً فأشربن ... مياهاً به يحكي رحيقاً وكوثرا

وهل تمرحن حيلي بذروة آمناً ... وبُطنانها من قبل أن يحفر الثرى

وهل أكحلن يوماً جفوني بنظرة ... إلى الأرزات الفارعات فتبصرا

وهل أدفعن جيش الهموم ببسطة ... مع الحي في تلك الديار فتقصرا

ونهر العبيد " هو " وادي العبيد المعروف، ومدينة داي هي المعروفة اليوم بالصومعة في تادلا، وإنما قال أدواؤها أي أمراضها لأنها كثيرة الأمراض والوخم.

<<  <   >  >>