وقال ابن " أبي " الزناد لابن شبرم في مناظرة: من عندنا خرج العلم، فقال ابن شبرمة: نعم ثم لم يعد إليكم.
وقال عمر بن الخطاب لأبي مريم السلولي: والله لا أحبك حتى تحب الأرض الدم قال: أفتمنعني حقاً؟ قال: لا، قال: فلا بأس، إنما يأسف على الحب النساء.
وقال الحجاج لرجل من الخوارج: إني لأبغضكم فقال الخارجيّ: أدخل الله أشدنا بغضاً لصاحبه الجنة.
وقال رجل لعمرو بن العاصي: لأتفرغن لك، فقال: حينئذ تقع في الشغل.
وقال عبد الملك بن مروان لبثينة صاحبة جميل: ما رجا منك جميل حين أحلك؟ فقالت له: ما رجت منك الأمة حين ملكتك أمرَها.
وقال لثابت بن عبد الله: زعم عبد الله بن هلال أنك أشبه الناس بإبليس، قال: صدق، ما ينكر أن يكون سيد الإنس يشبه سيد الجن؟ وقال معاوية لرجل من أهل اليمن: ما كان أحمق قومك حين قالوا) ربنا باعد بين أسفارنا (وكان اجتماع الشمل خيراً لهم، فقال اليماني: يا أمير المؤمنين: قومك أحمق حين قالوا:) اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء (ولم يقولوا: فاهدنا له.
وقال الرشيد لشريك القاضي: يا شريك آية في كتاب والله ليس لك ولا لقومك فيها شيء قوله تعالى:) وإنَّهُ لذكر لَكَ ولقومك (فقال: يا أمير المؤمنين وآية أخرى ليس لي ولا لقومي فيها شيء قوله تعالى:) وكّذَّب بهِ قَوْمكَ وَهُوَ الحَقّ (".
وقدم على عمر بن عبد العزيز فتيان فقالوا: توفي أبونا وترك مالاً عند عمنا حُمَيْد، فأمر بإحضاره وقال له: أنت القائل؟:
حُمَيْدُ الذي أمَجٌ دارُه ... أخو الخمر ذو الشيبة الأصلعُ
أتاه المشيب على شربها ... وكان كريماً فما يَنْزِعُ
قال: نعم، قال: أما إذ أقررت فسأجدُّك قال: هيهات، ألم تسمع قوله تعالى:) وَالشُّعَرَاءُ يَتْبَعَهُمْ الغَاوُونَ ألَمْ تَرَ أنَّهُمْ في كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَأنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ (قال: أفلت ثم قال: يا حميد، لقد كان أبوك رجلاً صالحاً وأنت رجل سوء، قال: هؤلاء يزعمون أن أباهم توفي وترك عندك مالاً، قال: نعم، وأنا أنفق عليهم من مالي ثم أحضر المال بخواتيم أبيهم، فقال عمر: ما أحدٌ أحق أن يكون عنده منك، قال: لا يعود إليَّ بعد أن خرج مني، وأمج بفتحتين موضع.
ويروى عن الأصمعي أنه قال: أتى شهر رمضان وأنا بمكة، فخرجت إلى الطائف لأصوم به فراراً من حر مكة، فلقيني أعرابي فقلت له: أين تريد؟ قال: أريد هذا البلد المبارك " لأصوم فيه هذا الشهر المبارك " فقلت له: أما تخاف الحر؟ قال: من الحر أفِرّ.
ونحو هذا ما يحكى عن الربيع بن خثيم رضي الله عنه وقد صلى ليلة حتى أصبح. فقال له رجل: أتعبت نفسك فقال: راحتها أطلب.
ونحوه قول عروة بن الورد:
تقول سليمى: لو أقمت بأرضنا ... لم تدرِ أني للمقام أُطَوِّف
وقول الآخر:
سأطلب بعد الدار عنكم لتقربوا ... وتسكب عيناي الدموع لتجمدا
وقول أبي تمام:
أألفة النحيب كم افتراقٍ ... أجدَّ فكان داعية اجتماع
وليست فرحة الأوبات إلاّ ... لموقوفٍ على ترَح الوداع
وقال مسلمة بن عبد الملك يوماً لنصيب الشاعر: أمدحت فلاناً لرجل من أهله؟ قال: قد فعلت، قال: أوحرمك؟ قال: قد فعل، قال: فهلاّ هجوته؟ قال: لم أفعل لأني أحق بالهجاء منه إذْ رأيته موضعاً لمدحي، فأعجب ذلك مسلمة فقال له: سلني، قال: لا أفعل، قال: ولم؟ قال: لأن كفك بالعطية أجود من لساني بالمسألة، فوهب له ألف دينار.