الطريق سؤالاً فيما هو من حكم الذبائح ونحوها في بطاقة فأجبتهم بما علم من دين الإسلام أن كل من تشهد شهادة الحق فإنه تؤكل ذبيحته، وتحل مناكحته، ويدفن في مقابر المسلمين ما لم يظهر منه ما يخالف ظاهره ونحو هذا الكلام، فلما بلغ إلى أولئك قالوا: سبحان الله! كنا نعرف فلاناً من العلماء، ثم هو يقتصر على مثل هذا الكلام ويكتفي " به " فلم يقع كلامي منهم موقعاً حيث اقتصرت على الحاجة وما هو الحق ولم أتعد إلى ما يشتغلون به من الفضول والضلال، وكانوا قبل هذه الفتنة تلمذوا لشيخنا الإمام ابن ناصر - رضي الله عنه - وأخذوا عهده، فلما لم يشتغل بما اشتغلوا به أنكروا عليه حتى وقعوا فيما يؤتى به إليه من الهدايا والصدقات، وفيما يذكره للفقراء من كلام الإمام الثعالبي، فإنه كان يحكي بسنده إلى الثعالبي أنه قال: من رأى من رآني إلى سبعة ضمنت له الجنة بشرط أن يقول كل لمن رأى أشهد أني رأيتك فيشهد له. فكان الشيخ رضي الله عنه يذكر ذلك على طريق الترجية، ولئلاّ يفوت المسلمين ذلك الخير إن حققه الله تعالى، فقالوا: هذا يوقع الناس في الأمن وفي الإعراض عن تعلم التوحيد مع أنه لا وثوق به فإن أمور المنامات لا تنضبط ولا يعول عليها، ثم برئوا من صحبته وكتبوا في ذلك كراسة، فقيض الله لها الشاب اللبيب الفاضل أبا العباس أحمد بن محمد بن السيد الشريف الحسني - رحمه الله ورحم سلفه - فتكلم عليها بما نقض أباطيلها عروة عروة، فلما انتهى إلى براءتهم من الشيخ كتب عليها ما معناه: إن هذه السلسلة المباركة الفاضلة يعني سلسلة الشيخ رضي الله عنه هي أمنع جناباً وأطهر ساحة من أن يبقى فيها أمثالكم، فطهرها الله منكم، وقد اشتعلت فتنتهم حتى كادت تخرج إلى الآفاق كلها، ثم أطفأها الله تعالى بفضله فجاء الطاعون عام تسعين وألف فأجتث شجرتهم من فوق الأرض فلم يبقى لها قرار.