للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومعلوم أن صفة التكوين مرجع للصفات الفعلية عندهم، فهي صفة فعل فأين يضعون لفظ الجلالة "الله" ونحوه من الأسماء الحسنى التي تدل على ذات الله تعالى وعلى الصفات الثبوتية الذاتية الكمالية، فهل يضعونها أيضا في صفة التكوين؟ .

ولما قالوا بحصر الصفات الإلهية فيما ذكروه عطلوا جميع ما سواها من صفات الله الكمالية، وحرفوا نصوصها الصريحة المحكمة الصحيحة.

وهم مع إثباتهم لهذه الصفات كادوا أن ينفوها ويعطلوها فإنهم قد صرحوا بأن كلا من هذه الصفات صفة واحدة قديمة أزلية لا تكثر فيها ولا تجدد وإنما التجدد في متعلقاتها؛ لأن ذلك أليق بكمال التوحيد (١).

فأخرجوا الصفات عما عرف في الشرع والعقل والفطرة.

٧ - أنهم عطلوا صفة الكلام: وهو كلام الله تعالى المسموع بحرف وصوت، وهو لم يزل ولا يزال متكلما.

٨ - أنهم قالوا بدعة الكلام النفسي، وصرح بعضهم بعدم الفرق بينهم وبين المعتزلة في القول بخلق القرآن (٢).

٩ - أنهم لا يثبتون الصفات الفعلية ولا يقولون بقيامها بالله تعالى، ومعلوم أن الصفة لا تكون صفة إلا إذا قامت بالموصوف واتصف الموصوف بها.

حيث قالوا: "ومعلوم أن كلا من ذلك -يعني الصفات التي أثبتوها- يدل على معنى زائد على مفهوم الواجب. وليس الكل ألفاظا مترادفة، وإن صدق المشتق على الشيء يقتضي ثبوت مأخذ الاشتقاق له فثبت له صفة العلم، والقدرة، والحياة وغير ذلك، لا كما يزعم المعتزلة: أنه عالم لا علم له، وقادر لا قدرة له إلى غير ذلك، فإنه محال ظاهر بمنزلة قولنا: أسود لا سواد له، وقد نطقت النصوص بثبوت علمه، وقدرته، وغيرهما"، وقالوا: "ولا معنى له سوى أنه متصف بالكلام" (٣).

وأنهم أرجعوا جميع الصفات الفعلية إلى صفة التكوين، وأن جميع الصفات الفعلية ليست صفات حقيقة لله تعالى، وإنما هي من متعلقات صفة التكوين، والتكوين صفة أزلية وهي عندهم: مبدأ الإخراج من العدم إلى الوجود.


(١) شرح العقائد النسفية: ٥٥ - ٥٦، والنبراس: ٢١٧ - ٢١٨.
(٢) شرح العقائد النسفية: ١٦٥ - ١٦٦، منح الروض الأزهر في شرح الفقه الأكبر: ٩٥، كبرى اليقينيات الكونية: ١٢٥.
(٣) شرح العقائد النسفية: ٤٤، ٥٨.

<<  <   >  >>