قال الطحاوي رحمه الله:" والاستطاعة التي يجب بها الفعل من نحو التوفيق الذي لا يجوز أن يوصف به المخلوق به تكون مع الفعل، وأما الاستطاعة من جهة الصحة والوسع والتمكين وسلامة الآلات فهي قبل الفعل وبها يتعلق الخطاب".
قال ابن أبي العز رحمه الله موضحا كلام الطحاوي:" والذي قاله عامة أهل السنة أن للعبد قدرة هي مناط الأمر والنهي وهذه قد تكون قبله لا يجب أن تكون معه، والقدرة التي بها الفعل لابد أن تكون مع الفعل لا يجوز أن يوجد الفعل بقدرة معدومة، وأما القدرة التي من جهة الصحة والوسع والتمكن وسلامة الآلات فقد تتقدم الأفعال وهذه القدرة المذكورة في قوله تعالى:{وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}[آل عمران: ٩٧]، وكذلك قوله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن: ١٦]، وكذا قوله تعالى:{فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا}[المجادلة: ٤]، والمراد منه استطاعة الأسباب والآلات ... وأما دليل ثبوت الاستطاعة التي هي حقيقة القدرة فقد ذكروا فيها قوله تعالى:{مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ}[هود: ٢٠] المراد نفي حقيقة القدرة لا نفي الأسباب والآلات ... "(١).