للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثالث: الاستثناء في الإيمان

يقصد بالاستثناء في الإيمان: تعليق الإيمان بالمشيئة، وهو قول المؤمن: أنا مؤمن إن شاء الله.

والماتريدية لما قالوا بأن الإيمان هو التصديق، وأنه لا يقبل الزيادة والنقصان منعوا الاستثناء في الإيمان، وقالوا: إن الاستثناء شك، ومن شك في تصديقه فهو كافر.

قال أبو منصور الماتريدي: "الأصل عندنا قطع القول بالإيمان وبالتسمي به بالإطلاق وترك الاستثناء فيه؛ لأن كل معنى في اجتماع وجودهِ تمامُ الإيمانِ عندَه مما إذا استثني فيه لم يصحَ ذلك المعنى، فعلى ذلك أمره في الجملة، نحو أن يقول: أشهد أن لا إله إلا الله إن شاء الله، أو محمد رسول الله إن شاء الله، وكذلك الشهادة بالبعث والملائكة والرسل والكتب" (١).

وقال أبو المعين النسفي: "ثم لما كان - أي الإيمان- اسما للتصديق، وهو شيء حقيقي معلوم الحد فإذا حصل بهذا الحد كان الذات به مؤمنا كالقعود والجلوس والسواد والبياض وغير ذلك لما كانت معاني معلومة الحد متى وجدت بحقيقتها كان الذات بها قاعد جالس أسود أبيض فكذا هذا.

وبمعرفة هذا يعرف أن التصديق لما وجد فقد وجد الإيمان بحقيقته، فقول من يقول: أنا مؤمن إن شاء الله؛ مع وجود حقيقة التصديق، كقول من يقول: أنا قائم إن شاء الله، وأنا قاعد إن شاء الله مع وجود حقيقة ذلك، وذلك باطل فكذا هذا" (٢).

فالماتريدية منعوا الاستثناء في الإيمان وذلك لأن مفهوم وحقيقة الإيمان عندهم التصديق أو التصديق والقول.


(١) التوحيد: ٣٨٨.
(٢) التمهيد: ١٠٥، ١٠٦.

<<  <   >  >>