- هذا وقد ذكر ابن هشام سبب نزول قوله سبحانه: «وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها» وإليك هنا ما ورد عن هذا فى الصحيحين وأحمد عن ابن عباس قال: نزلت هذه الاية ورسول الله- صلّى الله عليه وسلم- متوار بمكة: (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ، وَلا تُخافِتْ بِها) قال: كان إذا صلّى بأصحابه رفع صوته بالقرآن، فلما سمع ذلك المشركون سبوا القرآن، وسبوا من أنزله، ومن جاء به، قال: فقال الله لنبيه- صلّى الله عليه وسلم- (ولا تجهر بصلاتك) أى بقراءتك، فيسمع المشركون، فيسبون القرآن، ولا تخافت بها عن أصحابك، فلا تسمعهم القرآن حتى يأخذوه عنك: (وابتغ بين ذلك سبيلا) ولكن قصر الاية على هذا السبب يجعلها معطلة الان، إذ ما ثم بيننا مثل هؤلاء المشركين الذين نخشاهم. ومن زعم أنها للدعاء فقد أخطأ، فالدعاء يقول الله فيه: (ادعوا ربكم تضرعا وخفية) وقد روى عن ابن عباس: «لا تصل مراآة الناس، ولا تدعها مخافة الناس» ، وعن الحسن البصرى: لا تحسن علانيتها، وتسىء سريرتها. وقد روى ابن جرير عن ابن سير بن قوله: نبئت أن أبا بكر كان إذا صلى فقرأ خفض صوته، وأن عمر كان يرفع صوته، فقيل لأبى بكر: لم تصنع هذا؟ قال: أناجى ربى عز وجل- وقد علم حاجتى، فقيل: أحسنت، وقيل لعمر: لم تصنع هذا؟ قال أطرد الشيطان، وأوقظ الوسنان، قيل: أحسنت، فلما نزلت: (ولا تجهر بصلاتك، ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا) قيل لأبى بكر: ارفع شيئا، وقيل لعمر: اخفض شيئا. هذا هدى القرآن فى القراءة فى الصلاة