للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فِي صُدُورِكُمْ فَقَالَ: الْمَوْتَ، وَهُوَ تَفْسِيرٌ يَحْتَاجُ إلَى تَفْسِيرٍ، وَرَأَيْت لِبَعْضِ الْمُتَأَخّرِينَ فِيهِ، قَالَ: أَرَادَ ابْنُ عَبّاسٍ أَنّ الْمَوْتَ سَيَفْنَى كَمَا يَفْنَى كُلّ شَيْءٍ، كَمَا جَاءَ أَنّهُ يُذْبَحُ عَلَى الصّرَاطِ، فَكَانَ الْمَعْنَى أَنْ لَوْ كُنْتُمْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا لَأَدْرَكَكُمْ الْفَنَاءُ وَالْمَوْتُ، وَلَوْ كُنْتُمْ الْمَوْتَ الّذِي هُوَ كَبِيرٌ فِي صُدُورِكُمْ، فَلَا بُدّ لَكُمْ مِنْ الْفَنَاءِ- وَاَللهُ أَعْلَمُ- بِتَأْوِيلِ ذَلِكَ، وَقَدْ بَقِيَ فِي نَفْسِي مِنْ تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ شَيْءٌ «١» ، حَتّى يُكْمِلَ اللهُ نِعْمَتَهُ بِفَهْمِهَا إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى- وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ:

وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ: نُفُورًا: جَمْعُ نَافِرٍ، فَيَكُونُ نَصْبًا عَلَى الْحَالِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مصدرا مؤكدا لولوا. وَمِمّا أَنْزَلَ اللهُ فِي اسْتِمَاعِهِمْ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ، أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ يُونُسَ: ٤٢ أَلَا تَرَى كَيْفَ جَمَعَ يَسْتَمِعُونَ، وَالْحَمْلُ عَلَى اللّفْظِ إذَا قُرّبَ مِنْهُ أَحْسَنُ، أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ فَأُفْرِدَ، حَمْلًا عَلَى لَفْظِ مَنْ، وَقَالَ فِي آخِرِ الْآيَةِ: وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ، فَجُمِعَ حَمْلًا عَلَى الْمَعْنَى، لِمَا بَعُدَ عَنْ اللّفْظِ، وَهَكَذَا كَانَ الْقِيَاسُ فِي قَوْلِهِ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ، وَلَكِنْ لَمّا كَانُوا جَمَاعَةً، وَنَزَلَتْ الْآيَةُ فِيهِمْ بِأَعْيَانِهِمْ، صَارَ الْمَعْنَى: وَمِنْهُمْ نَفَرٌ يَسْتَمِعُونَ، يَعْنِي أُولَئِكَ النّفَرَ، وَهُمْ أَبُو جَهْلٍ وَأَبُو سُفْيَانَ وَالْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ، أَلَا تَرَى كَيْفَ قَالَ بعد: وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ فَأُفْرِدَ حَمْلًا عَلَى اللّفْظِ لِارْتِفَاعِ السّبَبِ الْمُتَقَدّمِ، والله أعلم.


(١) الاية واضحة يعنى: أى خلق يكبر فى صدور هؤلاء ومن هم على شاكلتهم، ولهذا قال مجاهد: السماء والأرض والجبال، وفى رواية: ما شئتم فكونوا فسيعيدكم الله بعد موتكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>