للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَذَكَرَ الْمُطّلِبَ بْنَ عَبْدِ عَوْفٍ وَلَمْ يَذْكُرْ أَخَاهُ طَلِيبًا، وَكِلَاهُمَا هَاجَرَ إلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، ومات بها، وَهُمَا أَخَوَا أَزْهَرِ بْنِ عَبْدِ عَوْفٍ.

مِنْ شِعْرِ الْهِجْرَةِ الْحَبَشِيّةِ وَمَسَائِلُهُ النّحْوِيّةُ:

فَصْلٌ: وَأَنْشَدَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ مَا قَالَهُ فِي أَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَفِيهِ قَوْلُهُ:

أَلْحِقْ «١» عَذَابَك بِالْقَوْمِ الّذِينَ طَغَوْا ... وَعَائِذًا بِك أَنْ يَعْلُو فَيُطْغُونِي

أَنْشَدَهُ سِيبَوَيْهِ فِيمَا يَنْتَصِبُ عَلَى الْفِعْلِ الْمَتْرُوكِ إظْهَارُهُ، وَذَلِكَ لِحِكْمَةِ، وَهِيَ أَنّ الْفِعْلَ لَوْ ظَهَرَ لَمْ يَخْلُ أَنْ يَكُونَ مَاضِيًا أَوْ مُسْتَقْبَلًا، فَالْمَاضِي يُوهِمُ الِانْقِطَاعَ، وَالْمُتَكَلّمُ إنّمَا يُرِيدُ أَنّهُ فِي مَقَامِ الْعَائِذِ، وَفِي حَالِ عَوْذٍ، وَالْفِعْلُ الْمُسْتَقْبَلُ أَيْضًا يُؤْذِنُ بِالِانْتِظَارِ، وَفِعْلُ الْحَالِ مُشْتَرَكٌ مَعَ الْمُسْتَقْبَلِ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ، وَذَلِكَ يُوهِمُ أَنّهُ غَيْرُ عَائِذٍ، فَكَانَ مَجِيئُهُ بِلَفْظِ الِاسْمِ الْمَنْصُوبِ عَلَى الْحَالِ أَدَلّ عَلَى مَا يُرِيدُ، فَإِنّ عَائِذًا كَقَائِمِ وَقَاعِدٍ، وَهُوَ الّذِي يُسَمّى عِنْدَ الْكُوفِيّينَ: الدّائِمُ، فَالْقَائِلُ: عَائِذًا بِك يَا رَبّ، إنّمَا يُرِيدُ: أَنَا فِي حَالِ عِيَاذٍ بِك، وَالْعَامِلُ فِي هَذِهِ الْحَالِ: تَكَلّمُهُ وَنِدَاؤُهُ، أَيْ: أَقُولُ قَوْلِي هَذَا عَائِذًا، وَلَيْسَ تَقْدِيرُهُ: عُذْت وَلَا أَعُوذُ، إنّمَا يُرِيدُ أَنْ يَسْمَعَهُ رَبّهُ، أَوْ يَرَاهُ عَائِذًا بِهِ.

وَقَوْلُهُ: أَنْ يَعْلُو يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أَنْ مَعَ ما بعدها فى موضع نصب،


- عن الزهرى، وهى تقول أنه قدم مع جعفر فى السفينة. لكن الوقاصى ضعيف. وذكر البخارى فى تاريخه عن عبد الله أنه أقام بالحبشة.
(١) فى السيرة: فاجعل عذابك. وانظر ص ١٧ ج ١ من كتاب سيبوية

<<  <  ج: ص:  >  >>