للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فِي التّفْسِيرِ: أَنّهُمْ الّذِينَ صَلّوْا الْقِبْلَتَيْنِ، وَهَاجَرُوا الْهِجْرَتَيْنِ، وَقَدْ قِيلَ أَيْضًا: هُمْ الّذِينَ شَهِدُوا بَيْعَةَ الرّضْوَانِ، فَانْظُرْ كَيْفَ أَثْنَى اللهُ عَلَيْهِمْ بِهَذِهِ الْهِجْرَةِ، وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا مِنْ بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ إلَى دَارِ كُفْرٍ، لَمّا كَانَ فِعْلُهُمْ ذَلِكَ احْتِيَاطًا عَلَى دِينِهِمْ، وَرَجَاءَ أَنْ يُخَلّى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عِبَادَةِ رَبّهِمْ، يَذْكُرُونَهُ آمِنِينَ مُطْمَئِنّينَ، وَهَذَا حُكْمٌ مُسْتَمِرّ مَتَى غَلَبَ الْمُنْكَرُ فِي بَلَدٍ، وَأُوذِيَ عَلَى الْحَقّ مُؤْمِنٌ، وَرَأَى الباطل قاهرا لِلْحَقّ، وَرَجَا أَنْ يَكُونَ فِي بَلَدٍ آخَرَ- أَيّ بَلَدٍ كَانَ- يُخَلّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ دِينِهِ، وَيُظْهِرُ فِيهِ عِبَادَةَ رَبّهِ، فَإِنّ الْخُرُوجَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ حَتْمٌ عَلَى الْمُؤْمِنِ، وَهَذِهِ الْهِجْرَةُ الّتِي لَا تَنْقَطِعُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ الْبَقَرَةُ: ١١٥.

فَصْلٌ: وَلَيْسَ فِي بَاقِي حَدِيثِهِمْ شَيْءٌ يُشْرَحُ، قَدْ شَرَحَ ابْنُ هِشَامٍ الشّيُومَ، وَهُمْ الْآمِنُونَ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لَفْظَةً حَبَشِيّةً غَيْرَ مُشْتَقّةٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَهَا أَصْلٌ فِي الْعَرَبِيّةِ، وَأَنْ تَكُونَ مِنْ شِمْت السّيْفَ إذَا أَغْمَدْته، لِأَنّ الْآمِنَ مُغْمَدٌ عَنْهُ السّيْفُ، أَوْ لِأَنّهُ مَصُونٌ فِي صِوَانٍ»

وَحِرْزٍ كَالسّيْفِ فِي غِمْدِهِ.

وَقَوْلُهُ: ضَوَى إلَيْك فِتْيَةٌ «٢» أَيْ: أَوَوْا إليك، ولا ذوابك، وَأَمّا ضَوِيَ بِكَسْرِ الْوَاوِ، فَهُوَ مِنْ الضّوَى مقصور، وهو الهزال، وقال الشاعر:


(١) فى الأصل: صور بالحبشية وسيوم: آمن أو جمع سائم بالعربية
(٢) فى السيرة: غلمان

<<  <  ج: ص:  >  >>