للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الْمَاءِ، فَإِذَا هُوَ قَدْ غَطّاهُ شَعَرُهُ، وَطَالَتْ أَظْفَارُهُ، وَتَمَزّقَتْ عَلَيْهِ ثِيَابُهُ، حَتّى كَأَنّهُ شَيْطَانٌ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللهِ، وَجَعَلَ يُذَكّرُهُ بِالرّحِمِ وَيَسْتَعْطِفُهُ، وَهُوَ يَنْتَفِضُ مِنْهُ، وَيَقُولُ: أَرْسِلْنِي يَا بَحِيرُ، أَرْسِلْنِي يَا بَحِيرُ، وَأَبَى عَبْدُ اللهِ أَنْ يُرْسِلَهُ، حَتّى مَاتَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَهُوَ خَبَرٌ مَشْهُورٌ اخْتَصَرَهُ بَعْضُ مَنْ أَلَفّ فِي السّيَرِ، وَطَوّلَهُ أَبُو الْفَرَجِ، وَأَوْرَدْته عَلَى مَعْنَى كَلَامِهِ، مُتَحَرّيًا لِبَعْضِ أَلْفَاظِهِ «١» .

عَنْ حَدِيثِ أَصْحَابِ الْهِجْرَةِ مَعَ النّجَاشِيّ:

فَصْلٌ: وَذَكَرَ حَدِيثَ أَصْحَابِ الهجرة مع النجاشى، وما قال لَهُ جَعْفَرٌ إلَى آخِرِ الْقِصّةِ «٢» ، وَلَيْسَ فِيهَا إشْكَالٌ، وَفِيهِ مِنْ الْفِقْهِ: الْخُرُوجُ عَنْ الْوَطَنِ، وَإِنْ كَانَ الْوَطَنُ مَكّةَ عَلَى فَضْلِهَا، إذَا كَانَ الْخُرُوج فِرَارًا بِالدّينِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَى إسْلَامٍ، فَإِنّ الْحَبَشَةَ كَانُوا نَصَارَى يَعْبُدُونَ الْمَسِيحَ، وَلَا يَقُولُونَ: هُوَ عَبْدُ اللهِ، وَقَدْ تَبَيّنَ ذَلِكَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَسُمّوا بِهَذِهِ مُهَاجِرِينَ، وَهُمْ أَصْحَابُ الْهِجْرَتَيْنِ الّذِينَ أَثْنَى اللهُ عليهم بالسبق، فقال: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ وجاء


(١) فى نسب قريش: فلما يئس عمرو- يعنى من استجابة النجاشى له فى أمر المهاجرين محل بعمارة- أى كادله- عند النجاشى فنفخ النجاشى فى إحليله سحرا، فذهب مع الوحش فيما تقول قريش. فلم يزل مستوحشا يرد الماء فى جزيرة بأرض الحبشة، وفيه أنه قال لأخيه عبد الله: يا بحير أرسلنى، فإنى أموت إن أمسكتنى، فأمسكه، فمات فى يده ص ٣٢٢. والقصة خرافة، ومصعب دقيق فى تعبيره إذ يقول: «فيما تقول قريش» فهى إذا أقاويل!.
(٢) يقول ابن تيمية عن قصة المهاجرين فى حديث أم سلمة. «وقد ذكر قصتهم جماعة من العلماء والحافظ كأحمد بن حنبل فى المسند، وابن سعد فى الطبقات وأبى نعيم فى الحلية وغيرهم وذكرها أهل التفسير والحديث والفقه وهى متواترة عند العلماء» ص ٨١ ح ١ الجواب الصحيح، طبع المدنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>