للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أَلَا كُلّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللهَ بَاطِلُ

وَقِصّةُ ابْنِ مَظْعُونٍ إلَى آخِرِهَا، وَلَيْسَ فِيهَا مَا يَشْكُلُ غَيْرَ سُؤَالٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ قَوْلُ رسول الله- صلى الله عليه وسلم: أصدق كَلِمَةٍ قَالَهَا الشّاعِرُ قَوْلُ لَبِيدٍ:

أَلَا كُلّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللهَ بَاطِلُ «١»

فَصَدّقَهُ فِي هَذَا الْقَوْلِ وَهُوَ- عَلَيْهِ السّلَامُ- يَقُولُ فِي مُنَاجَاتِهِ: «أَنْتَ الْحَقّ، وَقَوْلُك الْحَقّ، وَوَعْدُك الْحَقّ، وَالْجَنّةُ حَقّ، وَالنّارُ حَقّ، وَلِقَاؤُك حَقّ» «٢» ، فَكَيْفَ يَجْتَمِعُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ:

أَلَا كُلّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللهَ بَاطِلُ

فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ: مَا خَلَا اللهَ: مَا عَدَاهُ، وَعَدَا رَحْمَتِهِ الّتِي وَعَدَ بِهَا مَنْ رَحِمَهُ، وَالنّارُ وَمَا تَوَعّدَ بِهِ مَنْ عِقَابِهِ، وَمَا سِوَى هَذَا فَبَاطِلٌ أَيْ: مُضْمَحِلّ وَالْجَوَابُ الثّانِي: أَنّ الْجَنّةَ وَالنّارَ وَإِنْ كَانَتَا حَقّا، فَإِنّ الزّوَالَ عَلَيْهِمَا جَائِزٌ لِذَاتِهِمَا، وَإِنّمَا يَبْقَيَانِ بِإِبْقَاءِ اللهِ لَهُمَا، وَأَنّهُ يَخْلُقُ الدّوَامَ لأهلهما على


(١) رواه الشيخان عن أبى هريرة. وفى رواية لمسلم: أصدق بيت. وفى رواية لأحمد والترمذى عن أبى هريرة: أشعر كلمة تكلمت بها العرب كلمة لبيد، وهذه الرواية ترفع إشكال السهيلى، وقد عد البخارى وابن أبى خيثمة وغيرهما لبيدا، فى الصحابة. وقيل: عاش قرنا ونصفا أو أكثر، ومات فى خلافة عثمان. وهو القائل.
ولقد سئمت من الحياة وطولها ... وسؤال هذا الناس: كيف لبيد
(٢) رواه البخارى

<<  <  ج: ص:  >  >>