للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فَلَا يُقَالُ: هِيَ بِيَدِهِ عَلَى الْخُصُوصِ، تَحْسِينًا لِلْعِبَارَةِ وَتَنْزِيهًا لَهُ، وَفِي مِثْلِ النّورِ وَالسّمْعِ وَالْبَصَرِ يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ: هِيَ بِيَدِهِ، فَحَسُنَ عَلَى هَذَا أَنْ يُقَال: ذَهَبَ بِهِ، وَأَمّا أَسْرَى بِعَبْدِهِ، فَإِنّ دُخُولَ الْبَاءِ فِيهِ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، فَإِنّهُ فِعْلٌ يَتَعَدّى إلَى مَفْعُولٍ، وَذَلِكَ الْمَفْعُولُ الْمُسَرّى هُوَ الّذِي سَرَى بالعبد فشاد كه بِالسّرَى، كَمَا قَدّمْنَا فِي قَعَدْت بِهِ أَنّهُ يُعْطَى الْمُشَارَكَةُ فِي الْفِعْلِ، أَوْ فِي طَرَفٍ منه، فتأمله «١» .


(١) علق ابن القيم على قوله سبحانه: «أسرى بعبده» فقال: «فى قوله تعالى: (أسرى بعبده) دون بعث بعبده، وأرسل به ما يفيد مصاحبته له فى مسراه فإن الباء هنا للمصاحبة كهى فى قوله: هاجر بأهله، وسافر بغلامه، وليست للتعدية فإن أسرى بتعدى بنفسه، يقال: سرى به، وأسراه، وهذا لأن ذلك السرى كان أعظم أسفاره- صلى الله عليه وسلم- والسفر يعتمد الصاحب، ولهذا كان- صلى الله عليه وسلم- إذا سافر يقول: اهم؟؟؟ أنت الصاحب فى السفر. فإن قيل: فهذا المعنى يفهم من الفعل الثلاثى لو قيل: سرى بعبده، فما فائدة الجمع بين الهمزة والباء، ففيه أجوبة» ثم رفض ما أجاب به غيره ثم قال: «والجواب الصحيح أن الثلاثى المتعدى بالباء يفهم منه شيئان أحدهما: صدور الفعل من فاعله: الثانى: مصاحبته لما دخلت عليه الباء. فإذا قلت: سريت بزيد، وسافرت به كنت قد وجد منك السرى والسفر مصاحبا لزيد فيه. وأما المتعدى بالهمزة، فيقتضى إيقاع الفعل بالمفعول فقط، كقوله تعالى: (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم» . ونظائره فإذا قرن هذا المتعدى بالهمزة بالباء أفاد إيقاع الفعل على المفعول مع المصاحبة المفهومة من الباء، ولو أتى فيه بالثلاثى فهم منه معنى المشاركة فى مصدره، وهو ممتنع فتأمله» ص ٢٠٣ ح ٣ بدائع الفوائد.

<<  <  ج: ص:  >  >>