. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَلَكِنّ الْمَنْسُوخَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ حُكْمِ التّبْلِيغِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ قَبْلَ النّسْخِ وَحُكْمِ الصّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي خَاصّتِهِ، وَأَمّا أُمّتُهُ فَلَمْ يُنْسَخْ عَنْهُمْ حُكْمٌ إذْ لَا يُتَصَوّرُ نَسْخُ الْحُكْمِ قَبْلَ بُلُوغِهِ إلَى الْمَأْمُورِ، كَمَا قَدّمْنَا، وَهَذَا كُلّهُ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي الْحَدِيثِ.
وَالْوَجْهُ الثّانِي أَنْ يَكُونَ هَذَا خَبَرًا لَا تَعَبّدًا، وَإِذَا كَانَ خَبَرًا لَمْ يَدْخُلْهُ النّسْخُ، وَمَعْنَى الْخَبَرِ أَنّهُ عَلَيْهِ السّلَامُ أَخْبَرَهُ رَبّهُ أَنّ عَلَى أُمّتِهِ خَمْسِينَ صَلَاةً، وَمَعْنَاهُ: أَنّهَا خَمْسُونَ فِي اللّوْحِ الْمَحْفُوظِ، وَكَذَلِك قَالَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: هِيَ خَمْسٌ وَهِيَ خَمْسُونَ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا فَتَأَوّلَهُ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على أَنّهَا خَمْسُونَ بِالْفِعْلِ، فَلَمْ يَزَلْ يُرَاجِعُ رَبّهُ حَتّى بَيّنَ لَهُ أَنّهَا خَمْسُونَ فِي الثّوَابِ لا بالعمل. فإن قيل: فما معنى نقصها عَشْرًا بَعْدَ عَشْرٍ؟ قُلْنَا: لَيْسَ كُلّ الْخَلْقِ يَحْضُرُ قَلْبُهُ فِي الصّلَاةِ مِنْ أَوّلِهَا إلَى آخِرِهَا، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنّهُ يُكْتَبُ لَهُ مِنْهَا مَا حَضَرَ قَلْبُهُ فِيهَا، وَأَنّ الْعَبْدَ يُصَلّي الصّلَاةَ، فَيُكْتَبُ لَهُ نِصْفُهَا رُبُعُهَا حَتّى انْتَهَى إلَى عُشْرِهَا، وَوَقَفَ، فَهِيَ خَمْسٌ فِي حَقّ مَنْ كُتِبَ لَهُ عُشْرُهَا، وَعَشْرٌ فِي حَقّ مَنْ كُتِبَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، وَخَمْسُونَ فِي حَقّ مَنْ كَمُلَتْ صَلَاتُهُ وَأَدّاهَا بِمَا يَلْزَمُهُ مِنْ تَمَامِ خُشُوعِهَا وَكَمَالِ سُجُودِهَا وَرُكُوعِهَا.
أَوْصَافٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ:
فَصْلٌ: وَذَكَرَ أَنّهُ عَلَيْهِ السّلَامُ لَمْ يَلْقَهُ مَلَكٌ مِنْ الْمَلَائِكَةِ إلّا ضَاحِكًا مُسْتَبْشِرًا إلّا مَالِكًا خَازِنَ جَهَنّمَ، وَذَلِكَ أَنّهُ لَمْ يَضْحَكْ لِأَحَدِ قَبْلَهُ، وَلَا هُوَ ضَاحِكٌ لِأَحَدِ، وَمِصْدَاقُ هَذَا فِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى، قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ التّحْرِيمَ: ٦ وَهُمْ مُوكَلُونَ بِغَضَبِ اللهِ تَعَالَى، فَالْغَضَبُ لَا يُزَايِلُهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute