. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أَبَدًا، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعَارَضَةٌ لِلْحَدِيثِ الّذِي فِي صِفَةِ مِيكَائِيلَ أَنّهُ مَا ضَحِكَ مُنْذُ خَلَقَ اللهُ جَهَنّمَ، وَكَذَلِكَ يُعَارِضُهُ مَا خَرّجَ الدّار قطنىّ أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- تَبَسّمَ فِي الصّلَاةِ، فَلَمّا انْصَرَفَ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ:
رَأَيْت مِيكَائِيلَ رَاجِعًا مِنْ طَلَبِ الْقَوْمِ، عَلَى جَنَاحَيْهِ الْغُبَارُ فَضَحِكَ إلَيّ، فَتَبَسّمْت إلَيْه، وَإِذَا صَحّ الْحَدِيثَانِ، فَوَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا: أَنْ يَكُونَ لَمْ يَضْحَكْ مُنْذُ خَلَقَ اللهُ النّارَ إلَى هَذِهِ الْمُدّةِ الّتِي ضَحِكَ فِيهَا لِرَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَكُونُ الْحَدِيثُ عَامّا يُرَادُ بِهِ الْخُصُوصُ، أَوْ يَكُونُ الْحَدِيثُ الْأَوّلُ حَدّثَ بِهِ رَسُولُ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ هَذَا الْحَدِيثِ الْأَخِيرِ ثُمّ حَدّثَ بَعْدُ بِمَا حَدّثَ بِهِ مِنْ ضَحِكِهِ إلَيْهِ، وَاَللهُ أَعْلَمُ وَلَمْ يَرَ مَالِكًا عَلَى الصّورَةِ الّتِي يَرَاهُ عَلَيْهَا الْمُعَذّبُونَ فِي الْآخِرَةِ، وَلَوْ رَآهُ عَلَى تِلْكَ الصّورَةِ مَا اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ.
أَكَلَةُ الرّبَا فِي رُؤْيَا الْمِعْرَاجِ:
وَذَكَرَ أَكَلَةَ الرّبَا وَأَنّهُمْ بِسَبِيلِ آلِ فِرْعَوْنَ يَمُرّونَ عَلَيْهِمْ كَالْإِبِلِ الْمَهْيُومَةِ، وَهِيَ الْعِطَاشُ، وَالْهُيَامُ: شِدّةُ الْعَطَشِ، وَكَانَ قِيَاسُ هَذَا الْوَصْفِ أَلّا يُقَالَ فِيهِ مَهْيُومَةٌ، كَمَا لَا يُقَالُ مَعْطُوشَةٌ، إنّمَا يُقَالُ هَائِمٌ وَهَيْمَانُ، وَقَدْ يُقَالُ: هَيُومٌ وَيُجْمَعُ عَلَى هِيمٍ، وَوَزْنُهُ فُعْلٌ بِالضّمّ لَكِنْ كُسِرَ مِنْ أَجْلِ الْيَاءِ كَمَا قَالَ تَعَالَى:
فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ الْوَاقِعَةَ: ٥٥ وَلَكِنْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مَهْيُومَةٌ، كَأَنّهُ شَيْءٌ فُعِلَ بِهَا كَالْمَحْمُومَةِ وَالْمَجْنُونَةِ وَكَالْمَنْهُومِ، وَهُوَ الّذِي لَا يَشْبَعُ وَكَانَ قِيَاسُ الْيَاءِ أَنْ تَعْتَلّ، فَيُقَالَ: مَهِيمَةٌ، كَمَا يُقَالُ: مَبِيعَةٌ فِي مَعْنَى مَبْيُوعَةٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute