للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مَلَكَ الْحِيرَةَ مِنْ السّاسَانِيّةِ: سَابُورُ بْنُ أَزْدَشِيرِ، وَهُوَ الّذِي خَرّبَ الْحَضَرَ، وَكَانَتْ مُلُوكُ الطّوَائِفِ مُتَعَادّينَ يُغِيرُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، قَدْ تَحَصّنَ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي حِصْنٍ، وَتَحَوّزَ إلَى حَيّزٍ مِنْهُمْ عَرَبٌ. وَمِنْهُمْ أشغانيون عَلَى دِينِ الْفُرْسِ، وَأَكْثَرُهُمْ يَنْتَسِبُونَ إلَى الْفُرْسِ مِنْ ذُرّيّةِ دَارَا بْنِ دَارَا، وَكَانَ الّذِي فَرّقَهُمْ وَشَتّتْ شَمْلَهُمْ، وَأَدْخَلَ بَعْضَهُمْ بَيْنَ بَعْضٍ؛ لِئَلّا يَسْتَوْثِقَ لَهُمْ مُلْكٌ، وَلَا يَقُومُ لَهُمْ سُلْطَانٌ: الْإِسْكَنْدَرُ بْنُ فيلبش «١» الْيُونَانِيّ، حِينَ ظَهَرَ عَلَى دَارَا، وَاسْتَوْلَى عَلَى بِلَادِ مَمْلَكَتِهِ، وَتَزَوّجَ بِنْتَه رَوْشَنك. بِوَصِيّةِ أَبِيهَا دَارَا لَهُ بِذَلِكَ حِينَ وَجَدَهُ مُثْخَنًا فِي الْمَعْرَكَةِ، وَلَمْ يَكُنْ الْإِسْكَنْدَرُ أَرَادَ قَتْلَهُ؛ لِأَنّهُ كَانَ أَخَاهُ لِأُمّهِ فِيمَا زَعَمُوا، فَوَضَعَ الْإِسْكَنْدَرُ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِهِ- فِيمَا ذَكَرُوا- وَقَالَ: يَا سَيّدَ النّاسِ لَمْ أُرِدْ قَتْلَك، وَلَا رَضِيته، فَهَلْ لَك مِنْ حَاجَةٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. تَزَوّجْ ابْنَتِي رَوْشَنك، وَتَقْتُلُ مَنْ قَتَلَنِي، ثُمّ قَضَى دَارَا، فَفَعَلَ ذَلِكَ الْإِسْكَنْدَرُ، وَفَرّقَ الْفُرْسَ، وَأَدْخَلَ بَيْنَهُمْ الْعَرَبَ. فَتَحَاجَزُوا، وَسُمّوا: مُلُوكَ الطّوَائِفِ؛ لِأَنّ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَانَ عَلَى طَائِفَةٍ مِنْ الْأَرْضِ، ثُمّ دَامَ أَمْرُهُمْ كَذَلِكَ أَرْبَعمِائَةِ وَثَمَانِينَ سَنَةً فِي قَوْلِ الطّبَرِيّ، وَقَدْ قِيلَ أَقَلّ مِنْ ذَلِكَ، وَقَالَ الْمَسْعُودِيّ: خَمْسمِائَةِ وعشرين سنة، وفى أيامهم بعث عيسى بن مَرْيَمَ- عَلَيْهِ السّلَامُ- وَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ الْإِسْكَنْدَرِ بِثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ. فَابْنُ خُرّزاذ «٢» هَذَا- وَاَللهُ أَعْلَمُ- مِنْ أُولَئِكَ. وَبَنُو سَاسَانَ الْقَائِمُونَ بَعْدَ مُلُوكِ الطّوَائِفِ، وَبَعْدَ مُلُوكِ الأشغانيين: هُمْ بَنُو سَاسَانَ بن بهمن.


(١) الذى رسم له مبدأ «فرق تسد» هو وزيره أرسطو الفيلسوف اليونانى وقصة هؤلاء الملوك فى الطبرى ص ٥٨٠ ج ١ ط المعارف
(٢) فى صفحة ١٤٦

<<  <  ج: ص:  >  >>