للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يققون الْأَثَرَ، حَتّى انْتَهَوْا إلَى بَابِ الْغَارِ، وَقَدْ أَنْبَتَ اللهُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرْنَا فِي الْحَدِيثِ قبل هذا، فعند ما رَأَى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الْقَافَةَ اشتد حزنه


القاصون الأثر أولو خبرة ودراية تامة بقص الأثر، ولقد أدت بهم الأدلة إلى المثول أمام باب الغار، ويشعر بهم النبى «ص» وأبو بكر. ويقول أبو بكر لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا. وتدبر قوله تحت قدميه لنرى أنهم كانوا قيد خطوة أو نصفها من باب الغار.. ويقول الرسول «ص» مجيبا صاحبه مذكرا يحفظ الله سبحانه: ما ظنك يا أبا بكر باثنين، الله ثالثهما. كما روى البخارى- وتدبر مع الحديث قوله سبحانه: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ. هذا هو القهر الأعظم الذى لا يغلبه قهر آخر، ولا تقف أمام سلطانه الأعظم قوى ولا قدر فلماذا تصرف القلب عن تدبر جلال الآية الكبرى هنا من صرف الله عنه قلوبهم وأعينهم وأسماعهم وإحساساتهم، إلى رواية واهية تصور حمامة وعنكبوتا. سل نفسك.. كيف لم يبصروه والواقع المحسوس الملموس المشهود يؤكد أنه هنا؟ لم لم ينظر أحدهم تحت قدميه، وكل شىء يؤكد أن المنشود العظيم فى الغار؟ والرغبة الملحة فى النفس تدفع الى استنباء الرمل والحصى والصخر والجبل عن منشودهم. والرمل والحصى وكل شىء تحت العين وصوبها يملأ حتى عقل الغبى؟؟؟ بفهم هذه الدلالة البينة الواضحة المستمدة من أدلة لا يمكن أن يصرف الإنسان عنها نزعة من شك. الدلالة التى تشبه فى وضوحها وضوح أن الواحد نصف الإثنين كانت الدلالة، وكانت الأدلة حينئذ لا نحتمل سوى شىء واحد هو أن محمدا «ص» فى الغار. فلم لم ينظروا؟ ليست الحمامتان ولا العنكبوت ... إنما هو هذا السلطان الأعظم الذى يصرف القلوب، ويصرف الأبصار والأسماع عما تريد وتحب وإن كان منها قيد شعرة. إنما هو القهر الإلهى الأكبر والجبروت الأسمى الذى لا يدع لأحد قدرة تقف لحظة أمامه، وهو جل شأنه يريد ذلك. ولو أن نصا ثابتا تحدث عن الحمامتين والعنكبوت ما انصرف عنه الفكر ولا القلم، فالله قادر سبحانه على أعظم وأعظم.

<<  <  ج: ص:  >  >>