للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عَلَى رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: إنْ قُتِلْت فَإِنّمَا، أَنَا رَجُلٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ قُتِلْت أَنْت هَلَكَتْ الْأُمّةُ، فَعِنْدَهَا قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم:

لَا تَحْزَنْ إنّ اللهَ مَعَنَا، أَلَا تَرَى كَيْفَ قَالَ: لَا تَحْزَنْ، وَلَمْ يَقُلْ لَا تَخَفْ؟! لِأَنّ حُزْنَهُ عَلَى رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَغَلَهُ عَنْ خَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَلِأَنّهُ أَيْضًا رَأَى مَا نَزَلَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ النّصَبِ، وَكَوْنَهُ فِي ضِيقَةِ الْغَارِ مَعَ فُرْقَةِ الْأَهْلِ، وَوَحْشَةِ الْغُرْبَةِ، وَكَانَ أَرَقّ النّاسِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَشْفَقَهُمْ عَلَيْهِ، فَحَزِنَ لِذَلِكَ، وَقَدْ رُوِيَ أَنّهُ قَالَ: نَظَرْت إلَى قَدَمَيْ رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْغَارِ، وَقَدْ تَفَطّرَتَا دَمًا، فَاسْتَبْكَيْت، وَعَلِمْت أَنّهُ عَلَيْهِ السّلَامُ لَمْ يَكُنْ تَعَوّدَ الْحِفَاءَ وَالْجَفْوَةَ «١» ، وَأَمّا الْخَوْفُ فَقَدْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ الْيَقِينِ بِوَعْدِ اللهِ بِالنّصْرِ لِنَبِيّهِ. مَا يُسَكّنُ خَوْفَهُ، وَقَوْلُ اللهِ تَعَالَى: فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ التّفْسِيرِ: يُرِيدُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، وَأَمّا الرّسُولُ فَقَدْ كَانَتْ السّكِينَةُ عَلَيْهِ «٢» ، وقوله: وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها الْهَاءُ فِي أَيّدَهُ رَاجِعَةٌ عَلَى النّبِيّ، وَالْجُنُودُ: الملائكة أنزلهم عَلَيْهِ فِي الْغَارِ، فَبَشّرُوهُ بِالنّصْرِ عَلَى أَعْدَائِهِ، فَأَيّدَهُ ذَلِكَ، وَقَوّاهُ عَلَى الصّبْرِ [و] قِيلَ أيده


(١) ليس لهذا من سند صحيح. وعند ابن حبان أنهما ركبا حتى أتيا الغار، فتواريا.
(٢) يقول ابن كثير فى تفسير الآية: «أى تأييده ونصره عليه. أى على الرسول «ص» فى أشهر القولين. وقيل على أبى بكر، وروى عن ابن عباس وغيره، قالوا: لأن الرسول «ص» لم تزل معه سكينة، وهذا لا ينافى تجدد سكينة خاصة بتلك الحال، ولهذا قال: وأيده بجنود لم تروها» يقصد ابن كثير أن عود الضمير فى قوله «أيده» يؤكد عود الضمير على النبى «ص» فى قوله «عليه»

<<  <  ج: ص:  >  >>