للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

اسْمُ يَثْرِبَ وَأَمّا يَثْرِبُ فَاسْمُ رَجُلٍ نَزَلَ بِهَا أَوّلَ مِنْ الْعَمَالِيقِ فَعُرِفَتْ بِاسْمِهِ، وَهُوَ يَثْرِبُ بْنُ قاين بْن عِبِيلِ بْنِ مهلايل بْنِ عَوَصِ بْنِ عِمْلَاقِ بْنِ لَاوَذِ بْنِ إرَمَ، وَفِي بَعْضِ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ اخْتِلَافٌ وَبَنُو عِبِيلٍ هُمْ الّذِينَ سَكَنُوا الْجُحْفَةَ فَأَجْحَفَتْ بِهِمْ السّيُولُ وَبِذَلِكَ سُمّيَتْ الْجُحْفَةَ «١» ، فَلَمّا احْتَلّهَا رَسُولُ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَرِهَ لَهَا هَذَا الِاسْمَ أَعْنِي: يَثْرِبَ لِمَا فِيهِ مِنْ لَفْظِ التّثْرِيبِ، وَسَمّاهَا طِيبَةَ وَالْمَدِينَةَ.

فَإِنْ قُلْت: وَكَيْفَ كَرِهَ اسْمًا ذَكَرَهَا اللهُ فِي الْقُرْآنِ بِهِ، وَهُوَ الْمُقْتَدِي بِكِتَابِ اللهِ، وَأَهْلٌ أَنْ لَا يَعْدِلَ عَنْ تَسْمِيَةِ اللهِ؟ قُلْنَا إنّ اللهَ- سُبْحَانَهُ- إنّمَا ذَكَرَهَا بِهَذَا الِاسْمِ حَاكِيًا عَنْ الْمُنَافِقِينَ؛ إذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقامَ لَكُمْ؟ فَنَبّهَهُ بِمَا حَكَى عَنْهُمْ أَنّهُمْ قَدْ رَغِبُوا عَنْ اسْمٍ سَمّاهَا اللهُ بِهِ وَرَسُولُهُ، وَأَبَوْا إلّا مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي جَاهِلِيّتِهِمْ، وَاَللهُ سُبْحَانَهُ قَدْ سَمّاهَا:

الْمَدِينَةَ، فَقَالَ غَيْرَ حَاكٍ عَنْ أَحَدٍ: مَا كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ [يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ] التوبة ١٢٠، وفى الخبر عن كعب الأخبار قَالَ: إنّا نَجِدُ فِي التّوْرَاةِ يَقُولُ اللهُ لِلْمَدِينَةِ يَا طَابَةُ يَا طَيْبَةُ يَا مِسْكِينَةُ لَا تَقْبَلِي الْكُنُوزَ أَرْفَعْ أَجَاجِيرَكِ عَلَى أَجَاجِيرِ «٢» القرى، وقد روى هذا الحديث عن


(١) أجحف به: ذهب به، وكان اسم الجحفة: مهيعة «معجم البكرى، المراصد، القاموس»
(٢) أجاجير: جمع إجار، وهو السطح الذى ليس حواليه ما يرد الساقط عنه، والأناجير جمع أيضا

<<  <  ج: ص:  >  >>