(٢) يعنى شيخه ابن العربى، وهى فى الأصل: نريد، والتصويب من المواهب ص ٤٢٠ ح ١. (٣) القول الأول قول الصوفية، والمقام عندهم كما عرفه القشيرى فى رسالته: ما يتحقق به العبد بمنازلته من الآداب مما يتوصل إليه بنوع تصرف، ويتحقق به بضرب تطلب، ومقاساة تكلف، فمقام كل أحد: موضع إقامته عند ذلك، وما هو مشتغل بالرياضة له، وقد عرف أبو على الدقاق الخوف بقوله: الخوف ألا تعلل نفسك بعسى وسوف. وعرفوا الرجاء بقولهم: ثفة الجود من الكريم الودود، ولهما تعريفات أخرى غير هذا. وأقول: لا يمكن أن ينفصل الرجاء عن الخوف ولا الخوف عن الرجاء أبدا فى قلب المسلم، والمسلم الحق يغمر قلبه الرجاء، والخوف معانى كل أحواله. والصوفية يشترطون على «الدرويش» أو التابع- . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . - ألا يرتقى من مقام إلى آخر ما لم يستوف أحكام ذلك المقام!! ثم قالوا: ولا يصح لأحد منازلة مقام إلا بشهود!! يعنون الشهود الإلهى!! أفيتفق هذا مع روح الإسلام؟، وكيف يعيش الإنسان فى مقام الخوف وحده؟ ولا ينتقل إلى مقام الرجاء إلا بشهود؟؟. وكيف نظن بالنبى العظيم صلى الله عليه وسلم مثل هذا الظن؟ إن النبى صلى الله عليه وسلم كان يدرك تماما حقيقة الموقف، وكان على بينة مما يترتب على الهزيمة والنصر، أكثر وأعظم من أبى بكر، فاتقدت مشاعره بهذا الإدراك خوفا ورجاء، أما أبو بكر فقد هبط إدراكه للأمر عن الأفق الرفيع الأسمى الذى تألق فوقة إدراك الرسول صلى الله عليه وسلم، كما شغله عن الموقف قليلا، أو شغله من الموقف حال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ما قال رضى الله عنه وأرضاه. ولقد أبدع الحافظ فى الفتح، وهو يفسر قوله «ص» إن تهلك هذه العصابة لا تعبد: «وإنما قال ذلك لأنه علم أنه خاتم النبيين، فلو هلك هو ومن معه حينئذ، لم يبعث أحد ممن يدعو إلى الإيمان، ولاستمر المشركون يعبدون غير الله» وهو يبين تماما كيف كان الرسول «ص» ينظر إلى الموقف.. وفى مسلم أن النبى قال هذا الكلام أيضا يوم أحد. أما المناشدة. ففى البخارى فى المغازى أن أبا بكر قال: حسبك. وفى التفسير: وقد ألححت على ربك. وفى مسلم: يا نبى الله كفاك مناشدتك ربك فانه سينجز لك ما وعدك. وقد فسر الخطابى المناشدة بقوله: لا يجوز أن يتوهم أحد أن أبا بكر كان أوثق بربه من النبى «ص» فى تلك الحال، بل الحاصل للنبى على ذلك شفقته على أصحابه، وتقوية قلوبهم، لانه كان أول مشهد شهده، فبالغ فى التوجه والدعاء والابتهال، لتسكن نفوسهم عند ذلك، لأنهم كانوا يعلمون أن وسيلته مستجابة، فلما قال أبو بكر ما قال، كف عن ذلك وعلم أنه استجيب له لما وجد أبو بكر فى نفسه من القوة والطمأنينة ص ٢٣١ ح ٧ فتح البارى ط عبد الرحمن محمد.