للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جِهَادُ النّبِيّ فِي الْمَعْرَكَةِ:

قَالَ الْمُؤَلّفُ: وَأَمّا شِدّةُ اجْتِهَادِ النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَصَبُهُ فِي الدّعَاءِ فَإِنّهُ رَأَى الْمَلَائِكَةَ تَنْصَبُ فِي الْقِتَالِ وَجِبْرِيلُ عَلَى ثَنَايَاهُ الْغُبَارُ، وَأَنْصَارُ اللهِ يَخُوضُونَ غِمَارَ الْمَوْتِ. وَالْجِهَادُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: جِهَادٌ بِالسّيْفِ، وَجِهَادٌ بِالدّعَاءِ، وَمِنْ سُنّةِ الْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَرَاءِ الْجُنْدِ لَا يُقَاتِلُ مَعَهُمْ، فَكَانَ الْكُلّ فِي اجْتِهَادٍ وُجِدَ، وَلَمْ يَكُنْ لِيُرِيحَ نَفْسَهُ مِنْ أَحَدِ الْجِدّيْنِ وَالْجِهَادَيْنِ، وَأَنْصَارُ اللهِ وَمَلَائِكَتُهُ يَجْتَهِدُونَ، وَلَا لِيُؤْثِرَ الدّعَةَ، وَحِزْبُ اللهِ مَعَ أَعْدَائِهِ يَجْتَلِدُونَ.

الْمُفَاعَلَةُ:

وَقَوْلُهُ بعض مُنَاشَدَتُك رَبّك، وَالْمُفَاعَلَةُ لَا تَكُونُ إلّا مِنْ اثْنَيْنِ وَالرّبّ لَا يَنْشُدُ عَبْدَهُ، فَإِنّمَا ذَلِكَ لِأَنّهَا مُنَاجَاةٌ لِلرّبّ، وَمُحَاوَلَةٌ لِأَمْرِ يُرِيدُهُ، فَلِذَلِكَ جَاءَتْ عَلَى بِنَاءِ الْمُفَاعَلَةِ، وَلَا بُدّ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ فِعْلَيْنِ لِفَاعِلَيْنِ، إمّا مُتّفِقَيْنِ فِي اللّفْظِ، وَإِمّا مُتّفِقَيْنِ فِي الْمَعْنَى، وَظَنّ أَكْثَرُ أَهْلِ اللّغَةِ أَنّهَا قَدْ تَكُونُ مِنْ وَاحِدٍ نَحْوَ: عَاقَبْت الْعَبْدَ وَطَارَقْتُ النّعْلَ، وَسَافَرْت، وَعَافَاهُ اللهُ، فَنَقُولُ: أَمّا عَاقَبْت الْعَبْدَ فَهِيَ مُعَامَلَةٌ بَيْنَك وَبَيْنَهُ، عَامَلَك بِالذّنْبِ، وَعَامَلْته بِالْعُقُوبَةِ، فَأُخِذَ لَفْظُهَا مِنْ الْعُقُوبَةِ، وَوَزْنُهَا مِنْ الْمُعَاوَنَةِ، وَأَمّا طَارَقْت النّعْلَ، فَمِنْ الطّرْقِ وَهُوَ الْفَوْهُ، فَقَدْ قَوّيْتهَا وَقَوّتْك عَلَى الْمَشْيِ، فَلَفْظُهَا مِنْ الطّرْقِ، وَبِنَاؤُهَا عَلَى وَزْنِ الْمُعَاوَنَةِ وَالْمُقَاوَاةِ، فَهَذَا اتّفَاقٌ فِي الْمَعْنَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي اللّفْظِ، وَأَمّا سَافَرَ الرّجُلُ فَمِنْ سَفَرْت: إذَا كَشَفْت عَنْ وَجْهِك، فَقَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>