للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جَاءَنِي زَيْدُ ابْنُ فُلَانٍ بِالتّنْوِينِ، فَهُوَ الّذِي يَقُولُ: يَا زَيْدُ ابْنُ بِضَمّ الدّالِ، وَيُكْتَبُ ابْنٌ بِالْأَلِفِ عَلَى هَذَا، وَمَنْ يَقُولُ جَاءَنِي زيد بن بِلَا تَنْوِينٍ، فَهُوَ الّذِي يَقُولُ فِي النّدَاءِ يا زيد بن بِنَصْبِ الدّالِ، وَيُكْتَبُ ابْنًا بِغَيْرِ أَلِفٍ، لِأَنّهُ جَعَلَ الِابْنَ مَعَ مَا قَبْلِهِ اسْمًا وَاحِدًا، فَعَلَى هَذَا تَقُولُ يَا حَارِثَ ابْنَ عَمْرٍو فَتَكْتُبُهُ بِأَلِفِ، لِأَنّك أَرَدْت يَا حَارِثُ بِالضّمّ، لأنك لو أردت يا حارث بن بِالنّصْبِ لَمْ تُرَخّمْهُ، لِأَنّهُ قَدْ صَارَ وَسَطَ الاسم، وقد جعله سيبويه بمنزلة قولك: أمرأ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَيَا أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ إنْ نَوّنْت اللّامَ مِنْ أَبِي جَهْلٍ كَتَبْت الِابْنَ بِأَلِفِ، وَإِنْ لَمْ تُنَوّنْهُ كَتَبْته بِغَيْرِ أَلِفٍ.

وَذَكَرَ إنْكَارَ عَائِشَةَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ السّلَامُ قَالَ: لَقَدْ سَمِعُوا مَا قُلْت، قَالَتْ: وَإِنّمَا قَالَ: لَقَدْ عَلِمُوا أَنّ الّذِي كُنْت أَقُولُ حَقّ. قَالَ الْمُؤَلّفُ: وَعَائِشَةُ لَمْ تَحْضُرْ وَغَيْرُهَا مِمّنْ حَضَرَ أَحْفَظُ لِلَفْظِهِ عَلَيْهِ السّلَامُ، وَقَدْ قَالُوا لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَتُخَاطِبُ قَوْمًا قَدْ جَيّفُوا أَوْ أُجِيفُوا «١» ، فَقَالَ: مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ، وَإِذَا جَازَ أَنْ يَكُونُوا فِي تِلْكَ الْحَالِ عَالِمَيْنِ، جَازَ أن يكونوا سامعين؛ إما بآذان رؤسهم إذَا قُلْنَا: إنّ الرّوحَ يُعَادُ إلَى الْجَسَدِ أَوْ إلَى بَعْضِ الْجَسَدِ عِنْدَ الْمُسَاءَلَةِ، وَهُوَ قول الأكثرين مِنْ أَهْلِ السّنّةِ، وَإِمّا بِإِذْنِ الْقَلْبِ أَوْ الرّوحِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ بِتَوَجّهِ السّؤَالَ إلى الروح، من غير رجوع منه إلَى الْجَسَدِ، أَوْ إلَى بَعْضِهِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنّ عَائِشَةَ احْتَجّتْ بِقَوْلِ اللهِ سُبْحَانَهُ: وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ وَهَذِهِ الْآيَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي


(١) أى أنتنوا، أو صاروا جيفا.

<<  <  ج: ص:  >  >>