للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الْعُمْيَ أَيْ: إنّ اللهَ هُوَ الّذِي يُهْدِي وَيُوَفّقُ وَيُوصِلُ الْمَوْعِظَةَ إلَى آذَانِ الْقُلُوبِ، لَا أَنْتَ، وَجَعَلَ الْكُفّارَ أَمْوَاتًا وَصُمّا عَلَى جِهَةِ التّشْبِيهِ بِالْأَمْوَاتِ، وَبِالصّمّ، فَاَللهُ هُوَ الّذِي يَسْمَعُهُمْ عَلَى الْحَقِيقَةِ، إذَا شَاءَ لَا نَبِيّهُ، وَلَا أَحَدٌ، فَإِذَا لَا تَعَلّقَ بِالْآيَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنّهَا إنّمَا نَزَلَتْ فِي دُعَاءِ الْكُفّارِ إلَى الْإِيمَانِ.

الثّانِي أَنّهُ إنّمَا نَفَى عَنْ نَبِيّهِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمِسْمَعَ لَهُمْ، وَصَدَقَ اللهُ فَإِنّهُ لَا يَسْمَعُهُمْ إذَا شَاءَ إلّا هُوَ، وَيَفْعَلُ مَا شَاءَ وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْءٍ قدير «١» .


(١) ليس الأمر هنا أمر حضور السيدة عائشة القصة أو عدم حضورها، وإنما الأمر عقيدة تتعلق بعالم الغيب، ويفرض على كل معرفتها للايمان بها عن بينة. والسيدة عائشة رضى الله عنها، وإن لم تكن قد حضرت القصة، فالرواية تؤكد أنها علمت بها مشافهة عن النبى صلى الله عليه وسلم، بدليل توكيدها الكلام، وقد كانت حقا كما وصفها الإسماعيلى «كان عند عائشة من الفهم والذكاء وكثرة الرواية والغوص على غوامض العلم ما لا يزيد عليه» ولعلها سمعت هذا الحديث يردد، فسألت عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، فعلمت منه ما قاله حينئذ، فنفت ما نفت، وأثبتت ما ثبتت والآية القرآنية التى استشهدت بها نص قاطع فى النفى الذى قالت به السيدة عائشة، وعلى فرض صحة أن الآية فيها مجاز، وأنها تنفى السماع عن الكفار المشبهين بمن فى القبور، أقول: على فرض صحة هذا، فإن هذا التفسير يؤكد صحة فهم السيدة عائشة توكيدا قويا، فلولا ثبوت أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يسمع من فى القبور ما صح تشبيه الكفار بالموتى فكأن المعنى إن هؤلاء الكفار كالموتى، وأنت لا تسمع الموتى، وهم فى قبورهم فكذلك لا تستطيع إسماع هؤلاء، ولكن ماذا يقول السهيلى فى قوله سبحانه: فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى، وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ، وَما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ فهنا موتى وصم، وقد نفى الله إسماع نبيه للصنفين، وفى هذا تصويب لفهم السيدة-

<<  <  ج: ص:  >  >>