للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَذَلِكَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ، وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى أَيْ:

عَمّ جَمِيعَهُمْ، وَلَمْ يَكُنْ فِي قَبْضَتِك إلّا مَا يَبْلُغُ بَعْضَهُمْ، فَاَللهُ هُوَ الّذِي رَمَى سَائِرَهُمْ إذْ رَمَيْت أَنْتَ الْقَلِيلَ مِنْهُمْ، فَهَذَا قَوْلٌ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى:

مَعْنَاهُ: وَمَا رَمَيْت قُلُوبَهُمْ بِالرّعْبِ حِينَ رَمَيْت الْحَصْبَاءَ، وَلَكِنّ اللهَ رَمَى وَقَالَ هِبَةُ اللهِ بْنُ سَلَامَةَ: الرّمْيُ أَخْذٌ وَإِرْسَالٌ وَإِصَابَةٌ وَتَبْلِيغٌ، فَاَلّذِي أَثْبَتَ اللهُ لِنَبِيّهِ هُوَ الْأَخَذُ وَالْإِرْسَالُ، وَاَلّذِي نَفَى عَنْهُ هُوَ الْإِصَابَةُ وَالتّبْلِيغُ، وَأَثْبَتَهُمَا لِنَفْسِهِ.

حول النولى يوم الزعف وَالِانْتِصَارَاتِ الْإِسْلَامِيّةِ الْبَاهِرَةِ: وَقَوْلُهُ: فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ الْآيَةَ قَالَ الْحَسَنُ: لَيْسَ الْفِرَارُ مِنْ الزّحْفِ مِنْ الْكَبَائِرِ إلّا يَوْمَ بَدْرٍ وَفِي الْمَلْحَمَةِ الْكُبْرَى الّتِي تَأْتِي آخِرَ الزّمَانِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ إذَا حَضَرَ الْإِمَامُ وَلَمْ يَتَحَيّزْ إلَى فِئَةٍ فَأَمّا إذَا كَانَ الْفِرَارُ إلَى الْإِمَامِ، فَهُوَ مُتَحَيّزٌ إلَى فِئَةٍ، وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ حِينَ بَلَغَهُ قَتْلُ أَبِي عُبَيْدِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَمَا أَوْقَعَ الْفُرْسُ بِالْمُسْلِمِينَ: هَلّا تَحَيّزَ إلَيّ أَبُو عُبَيْدِ بْنُ مَسْعُودٍ، فَإِنّي فِئَةٌ لِكُلّ مُسْلِمٍ، وَرُوِيَ مِثْلُ هَذَا عَنْ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنّهُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ الّذِينَ رَجَعُوا مِنْ غَزْوَةِ مُؤْتَةَ «١» ، ذَلِكَ أَنّهُمْ قَالُوا: نَحْنُ الْفَرّارُونَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: بَلْ أَنْتُمْ الْعَكّارُونَ «٢» ، وَأَنَا فئتكم،


(١) مؤتة قرية من قرى البلقاء فى حدود الشام.
(٢) الكرارون إلى الحرب والعطافون نحوها، يقال للرجل يولى عن الحرب ثم يكر راجعا إليها: عكر واعتكر وقد ورد هذا فى حديث رواه أحمد وأبو داود والترمذى وابن ماجة من طرق عن يزيد بن أبى زياد، وقال-

<<  <  ج: ص:  >  >>