للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فَإِنّهُ حُجّةُ الْقَدَرِيّةِ، فِيمَا يُسْنِدُونَ إلَى الْحَسَنِ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- مِنْ الْقَوْلِ بِالْقَدَرِ، وَقَدْ بَرّأَهُ اللهُ مِنْهُ، وَكَانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهًا، وَأَمّا عَمْرُو بْنُ عُبَيْدِ بْنِ دَأْبٍ، فَقَدْ «١» كَانَ عَظِيمًا فِي زَمَانِهِ عَالِيَ الرّتْبَةِ فِي الْوَرَعِ، حَتّى اُفْتُتِنَ بِهِ، وَبِمَقَالَتِهِ أُمّةٌ فَصَارُوا قدريّة، وقد ببز بِمَذْهَبِهِ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، فَلَمْ يُسْقَطْ حَدِيثُهُمْ، لِأَنّهُمْ لَمْ يُجَادِلُوا عَلَى مَذْهَبِهِمْ، وَلَا طَعَنُوا فِي مُخَالِفِيهِمْ مِنْ أَهْلِ السّنّةِ، كَمَا فَعَلَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ. فَمِمّنْ نُبِزَ بِالْقَدَرِ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَقَتَادَةُ وَدَاوُدُ بْنُ الْحُصَيْنِ وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَطَائِفَةٌ سِوَاهُمْ مِنْ الْأَثْبَاتِ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ، وَعَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ يُكَنّى أَبَا عُثْمَانَ وَأَبُوهُ عُبَيْدُ بْنُ دَأْبٍ كَانَ صَاحِبَ شُرْطَةٍ فِيمَا ذَكَرُوا وَسَمِعَ يَوْمًا ناسا يقولون فِي ابْنِهِ هَذَا خَيْرُ النّاسِ ابْنُ شَرّ النّاسِ، فَالْتَفَتَ إلَيْهِمْ، وَقَالَ: وَمَا يُعْجِبُكُمْ مِنْ هَذَا؟ هُوَ كَإِبْرَاهِيمَ وَأَنَا كَآزَرَ، وَكَانَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ، يَقُولُ بَعْدَ مَوْتِ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ يُسْتَحْيَا مِنْهُ «٢» بَعْدَ عمرو، وكان يقول:


(١) توفى عمرو بن عبيد سنة ١٤٤ بحران ورثاه المنصور، قالوا: ولم يسمع بخليفة رثى من دونه سواه.
(٢) قال المنصور قولته لما مات ابن أبى ليلى وعمرو بن عبيد ص ٩٤ ح ٢ البيان للجاحظ. ومن أقوال عمرو الطيبة أن أحدهم قال له: إنى لأرحمك مما يقول الناس فيك، قال: أسمعتنى أذكر فيهم شيئا؟ قال: لا، قال: إياهم فارحم. وقوله لأبى جعفر: إن الله قد وهب لك الدنيا بأسرها، فاشتر نفسك ببعضها، فلو أن هذا الأمر الذى صار إليك بقى فى يدى من كان قبلك لم يصل إليك، وتذكر يوما يتمخض بأهله لا ليلة بعده ص ٦٥ ح ٤ البيان. ومن دعائه: اللهم اغننى بالافتقار إليك، ولا تفقرنى بالاستغناء عنك ص ٢٧١ ح ٢ البيان. اللهم أعنى على الدنيا بالقناعة. وعلى الدين بالعصمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>