- لكل من فرح بقدوم أحد عليه: اهتز له، ومنه: اهتزت الأرض بالنبات إذا اخضرت وحسنت. ومنه قول العرب: فلان يهتز للمكارم يريدون: ارتياحه إليها ووقع ذلك من حديث ابن عمر عند الحاكم بلفظ: اهتز العرش فرحا به لكنه تأوله، فقال: اهتز العرش فرحا بلقاء الله سعدا حتى تفسخت أعواده على عواتقنا. قال ابن عمر: يعنى عرش سعد الذى حمل عليه. وقيل: المراد باهتزاز العرش: اهتزاز حملة العرش ويؤيده حديث إن جبريل قال: من هذا الميت الذى فتحت له أبواب السماء، واستبشر به أهلها؟ «أخرجه الحاكم» وقيل: هى علامة نصبها الله لموت من يموت من أوليائه، ليشعر ملائكته بفضله. وقال الحربى: هو عبارة عن تعظيم شأن وفاته من النبى، والعرب إذا عظموا الأمر نسبوه إلى عظيم، كما يقولون: قامت لموت فلان القيامة، وأظلمت الدنيا بموته ونحو ذلك. وقال النووى فى شرح مسلم ما معناه: إن طائفة حملت الاهتزاز على ظاهره، وقالوا إن اهتزاز العرش تحركه حقيقة فرحا بقدوم روح سعد، وجعل الله فى العرش تمييزا حصل به هذا التحرك، ولا مانع منه كما قال تعالى عن الحجارة، (وإن منها لما يهبط من خشية الله) وهذا القول هو ظاهر الحديث، وهو المختار. ويقول المازرى عن حركة العرش: وهذا لا ينكر من جهة العقل، لأن العرش جسم مخلوق يقبل الحركة والسكون. وأقول: دين السلف: إذا ثبت النص ثبوتا لا اختلاف عليه، فإنه لا يجوز تأويله تأويلا يفسد معناه، أو يجرده من حقيقته، وإنما يجب حمله كما ورد دون تشبيه لما نسب إلى الله من صفة أو اسم أو فعل بما ينسب إلى الخلق من ذلك. وقد نبهت إلى ذلك مرارا فى الكتاب. فلله مثلا يدان حقيقتان ليستا هما النعمة أو القدرة أو غير ذلك مما يهرف به المعطلة، لكنهما ليستا كيد الخلق، وإذا كانت أيدى البشر لا تتشابه، فكيف نشبه يد الخالق بيد الخلق، فنقع فى وصف الله بأنه عدم حين تجرد صفاته من معانيها، أر بأنه صنم حين ننسب إليه عين ما ننسبه إلى الخلق، تعالى الله عن هذا علوا كبيرا. وما نقلت ما نقلت إلا لتعرف فحسب.