للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

سماوات، وَإِنّمَا مَعْنَاهُ: أَنّ تَزْوِيجَهُ إيّاهَا نَزَلَ مِنْ فوق سبع سماوات «١» وَلَا يَبْعُدُ فِي الشّرْعِ وَصْفُهُ سُبْحَانَهُ بِالْفَوْقِ عَلَى الْمَعْنَى الّذِي يَلِيقُ بِجَلَالِهِ، لَا عَلَى الْمَعْنَى الّذِي يَسْبِقُ لِلْوَهْمِ مِنْ التّحْدِيدِ، وَلَكِنْ لَا يُتَلَقّى إطْلَاقُ ذَلِكَ الْوَصْفِ مِمّا تَقَدّمَ مِنْ الْآيَةِ وَالْحَدِيثَيْنِ لِارْتِبَاطِ حَرْفِ الْجَرّ بِالْفِعْلِ، حَتّى صَارَ وَصْفًا لَهُ لَا وَصْفًا لِلْبَارِي سُبْحَانَهُ، وَقَدْ أَمْلَيْنَا فِي حَدِيثِ الْأُمّةِ الّتِي قَالَ لَهَا: أَيْنَ اللهُ؟ قَالَتْ: فِي السّمَاءِ مسألة بديعة نافعة شافية رافعة لكل لبس، والحمد لله «٢» .


(١) حقيقة الفوقية هى علو ذات الشىء على غيره، والجهميون يزعمون أن فوقية الله فوقية رتبة وقهر كقولنا: الذهب فوق الفضة. وأهل السنة وسلفنا الصالح يقولون إن العهد والفطر والعقول والشرائع وجميع كتب الله المنزلة على خلاف ما يزعم الجهميون، وأنه سبحانه فوق العالم بذاته، فالخطاب بفوقيته ينصرف إلى ما استقر فى الفطر والعقول والكتب السماوية. والمجاز فى الفوقية وإن احتمل فى قوله: (وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ) فدلك لأنه قد علم أنهم جميعا مستقرون على الأرض فهى فوقية قهر وغلبة ولكن هذا المجاز لا يحتمل فى قوله سبحانه: (وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ) إذ قد علم بالضرورة أنه وعباد. ليسوا مستوين فى مكان واحد حتى تكون فوقية قهر وغلبة. واقرأ كتاب الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة ولا سيما من أول ص ٢٠٥ فقد أقام الأدلة القاطعة من القرآن والسنة والعقل على فوقية الله سبحانه بذاته من سبعة عشر وجها، واقرأ لابن رشد الفيلسوف فى إثبات جهة العلو لله سبحانه فى كتابه مناهج الأدلة. وكانت زينب رضى الله عنها تفخر على أزواج النبى تقول: زوجكن أهاليكن، وزجنى الله تعالى من فوق سبع سماوات. رواه البخارى فى الصحيح.
(٢) وحديث الأمة التى سألها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين الله؟ قالت: الله فى السماء، قال من أنا؟ فقالت: أنت رسول الله، قال إنها مؤمنة فاعتقها وكان الذئب قد أصاب شاة من غنم كانت ترعاها لسيدها، فصكها صكة، ثم-

<<  <  ج: ص:  >  >>