للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لَوْ نَظَرْت إلَيْهَا، فَإِنّ ذَلِكَ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا، وَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ لِمُحَمّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ حِينَ أَرَادَ نِكَاحَ ثُبَيْتَةَ بِنْتَ الضّحّاكِ، وَقَدْ أَجَازَهُ مَالِكٌ فِي إحْدَى الرّوَايَتَيْنِ عَنْهُ، ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ. وَفِي مُسْنَدِ الْبَزّارِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرَةَ لَا حَرَجَ أَنْ يَنْظُرَ الرّجُلُ إلَى الْمَرْأَةِ إذَا أَرَادَ تَزَوّجَهَا، وَهِيَ لَا تَشْعُرُ وَفِي تَرَاجِمِ الْبُخَارِيّ: النّظَرُ إلَى الْمَرْأَةِ قَبْلَ التّزْوِيجِ، وَأَوْرَدَ فِي الْبَابِ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السّلَامُ لِعَائِشَة أَرَيْتُك فِي الْمَنَامِ يَجِيءُ بِك الْمَلَكُ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، فَكُشِفَتْ عَنْ وَجْهِك، فَقَالَ: هَذِهِ امْرَأَتُك، فَقُلْت: إنْ يَكُنْ مِنْ عِنْدِ اللهِ يَمْضِهِ. وَهَذَا اسْتِدْلَالٌ حَسَنٌ. وَفِي قَوْلِهِ: إنْ يَكُنْ مِنْ عِنْدِ اللهِ سُؤَالٌ، لِأَنّ رُؤْيَاهُ وَحْيٌ، فَكَيْفَ يُشَكّ فِي أَنّهَا مِنْ عِنْدِ اللهِ.

وَالْجَوَابُ: أَنّهُ لَمْ يَشُكّ فِي صِحّةِ الرّؤْيَا، وَلَكِنّ الرّؤْيَا قَدْ تَكُونُ عَلَى ظَاهِرِهَا. وَقَدْ تَكُونُ لِمَنْ هُوَ نَظِيرُ الْمَرْءِ أَوْ سَمِيّهُ، فَمِنْ هَاهُنَا تَطَرّقَ الشّكّ مَا بَيْنَ أَنْ تَكُونَ عَلَى ظَاهِرِهَا، أَوْ لَهَا تَأْوِيلٌ كَذَلِكَ، وَسَمِعْت شَيْخَنَا يَقُولُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ، وَلِغَيْرِهِ فِيهِ قَوْلٌ لَا أَرْضَاهُ، فَلَا يَخْلُو نَظَرُهُ عَلَيْهِ السّلَامُ إلَيْهَا مِنْ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ، أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ الْحِجَابُ، وَإِلّا فَقَدْ قَالَ الله تعالى له: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَهُوَ إمَامُ الْمُتّقِينَ وَقُدْوَةُ الورعين «١» صلى الله عليه وسلم.


(١) هذا هو الحق، ولا يلتفت أبدا إلى سواه. وللأستاذ العقاد فصل ممتاز عن زواج النبى صلى الله عليه وسلم نختار منه ما يأتى: «لا حجة المسلم على صدق محمد عليه السلام فى رسالته أصدق من سيرته فى زواجه. وفى اختيار زوجاته، وليس النبوة من آية أشرف من آيتها فى معيشة نبى الإسلام من مطلع حياته-

<<  <  ج: ص:  >  >>