وَأَمّا جُوَيْرِيَةُ فَهِيَ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَائِدِ بْنِ مالك ابن جذيمة، وجذيمة هو الْمُصْطَلِقِ مِنْ خُزَاعَةَ، كَانَ اسْمُهَا بَرّةُ، فَسَمّاهَا
- إلى يوم وفاته. ما الذى يفعله الرجل الشهوان الفاسق فى لذات الجسد إذا بلغ من المكانة والسلطان ما بلغه محمد بين قومه؟ لم يكن عسيرا عليه أن يجمع إليه أجمل بنات العرب، وأفتن جوارى الفرس والروم. ولم يكن عسيرا عليه أن يوفر لنفسه، ولأهله من الطعام والكساء والزينة ما لم يتوفر لسيد من سادات الجزيرة فى زمان. فهل فعل محمد «ص» ذلك بعد نجاحه؟ هل فعل محمد ذلك فى مطلع حياته؟ كلا لم يفعله قط، بل فعل نقيضه، وكاد أن يفقد زوجاته لشكايتهن من شظف العيش فى داره. ولم يحدث قط أن اختار زوجة واحدة، لأنها مليحة أو وسيمة، ولم يبن بعذراء قط إلا العذراء التى علم قومه جميعا أنه اختارها، لأنها بنت صديقه وصفيه، وخليفته من بعده أبى بكر الصديق رضى الله عنه ... وما بنى- عليه السلام- بواحدة من أمهات المسلمين، لما وصفت به عنده من جمال ونضارة، وإنما كانت صلة الرحم، والضن بها على المهانة هى الباعث الأكبر فى نفسه الشريفة على التفكير فى الزواج منهن» ... ثم يتحدث عن كل زوجة من أزواجه صلى الله عليه وسلم، ثم يقول: «والسيدة جويرية بنت الحارث سيد قومه كانت بين السبايا فى غزوة بنى المصطلق، فأكرمها النبى- عليه السلام- أن تذل ذلة السباء، فتزوجها، وأعتقها، وحض المسلمين على إعتاق سباياهم، فأسلموا جميعا، وحسن إسلامهم، وخيرها أبوها بين العودة إليه، والبقاء عند رسول الله، فاختارت البقاء فى حرم رسول الله، ص ١٩٠ وما بعدها حقائق الإسلام ط ١