. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَا أَبَا الْفَضْلِ مَا لِلنّاسِ!! أَأُمِرُوا فِيّ بِشَيْءِ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنّهُمْ قَامُوا إلَى الصّلَاةِ، فَأَمَرَهُ الْعَبّاسُ فَتَوَضّأَ، ثُمّ انْطَلَقَ بِهِ إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمّا دَخَلَ عَلَيْهِ السّلَامُ فِي الصّلَاةِ كَبّرَ فَكَبّرَ النّاسُ بِتَكْبِيرِهِ، ثُمّ رَكَعَ فَرَكَعُوا، ثُمّ رَفَعَ فَرَفَعُوا، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ طَاعَةَ قَوْمٍ جَمَعَهُمْ مِنْ هَهُنَا وَهَهُنَا، وَلَا فَارِسَ الْأَكَارِمِ، وَلَا الرّومِ ذَاتِ الْقُرُونِ بِأَطْوَعَ مِنْهُمْ لَهُ، وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ أَنّ أَبَا سُفْيَانَ قَالَ لِلنّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حِينَ عَرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ: كَيْفَ أَصْنَعُ بِالْعُزّى؟ فَسَمِعَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِنْ وَرَاءِ الْقُبّةِ، فَقَالَ لَهُ: نَخْرَا عَلَيْهَا، فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَانَ:
وَيْحَك يَا عُمَرُ!! إنّك رَجُلٌ فَاحِشٌ دَعْنِي مَعَ ابْنِ عَمّي، فَإِيّاهُ أُكَلّمُ.
وَذَكَرَ قَوْلَ أَبِي سُفْيَانَ: لَقَدْ أَصْبَحَ مُلْكُ ابْنِ أَخِيك الْغَدَاةَ عَظِيمًا، وَقَوْلَ الْعَبّاسِ لَهُ: إنّهَا النّبُوّةُ، قَالَ شَيْخُنَا أَبُو بَكْرٍ رَحِمَهُ اللهُ: إنّمَا أَنْكَرَ الْعَبّاسُ عَلَيْهِ أَنْ ذَكَرَ الْمُلْكَ مُجَرّدًا مِنْ النّبُوّةِ مَعَ أَنّهُ كَانَ فِي أَوّلِ دُخُولِهِ فِي الْإِسْلَامِ، وَإِلّا فَجَائِزٌ أَنْ يُسَمّى مِثْلُ هَذَا مُلْكًا، وَإِنْ كَانَ لِنَبِيّ فَقَدْ قَالَ الله تعالى فى داود وَشَدَدْنا مُلْكَهُ وقال سليمان: وَهَبْ لِي مُلْكاً غَيْرَ أَنّ الْكَرَاهِيَةَ أَظْهَرُ فِي تَسْمِيَةِ حَالِ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُلْكًا لِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنّ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُيّرَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ نَبِيّا عَبْدًا، أَوْ نَبِيّا مَلِكًا، فَالْتَفَتَ إلَى جِبْرِيلَ، فَأَشَارَ إلَيْهِ أَنْ تَوْضَعْ، فَقَالَ: بَلْ نَبِيّا عَبْدًا أَشْبَعُ يَوْمًا، وَأَجُوعُ يَوْمًا وَإِنْكَارُ الْعَبّاسِ عَلَى أَبِي سُفْيَانَ يُقَوّي هَذَا الْمَعْنَى، وَأَمْرُ الخلفاء الأربعة بعده يكره أيضا أن أَنْ يُسَمّى مَلِكًا، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السّلَامُ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: يَكُونُ بَعْدَهُ خُلَفَاءُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute