للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عَوْدٌ إلَى أَبِي سُفْيَانَ:

وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ رَضِيعَ رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْضَعَتْهُمَا حَلِيمَةُ، وَكَانَ آلَفَ النّاسِ لَهُ قَبْلَ النّبُوّةِ لَا يُفَارِقُهُ، فَلَمّا نُبّئَ كَانَ أَبْعَدَ النّاسِ عَنْهُ، وَأَهْجَاهُمْ لَهُ إلَى أَنْ أَسْلَمَ، فَكَانَ أَصَحّ النّاسِ إيمَانًا، وَأَلْزَمَهُمْ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِأَبِي سُفْيَانَ هَذَا قَالَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْتَ يَا أَبَا سُفْيَانَ، كَمَا قِيلَ كُلّ الصّيْدِ فِي جَوْفِ الْفَرَا «١» ، وَقِيلَ: بَلْ قَالَهَا لِأَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَالْأَوّلُ أَصَحّ.

وَقَوْلُ بُدَيْلٍ: حَمَشَتْهُمْ الْحَرْبُ، يُقَالُ: حَمَشْت الرّجُلَ إذَا أَغْضَبْته، وَحَمَشْت النّارَ أَيْضًا إذَا أَوْقَدْتهَا، وَيُقَالُ: حَمَسْت بِالسّينِ.

عَنْ إسْلَامِ سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ:

وَذَكَرَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ «٢» فِي إسْلَامِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ أَنّ الْعَبّاسَ لَمّا احْتَمَلَهُ مَعَهُ إلَى قُبّتِهِ، فَأَصْبَحَ عِنْدَهُ، رَأَى النّاسَ وَقَدْ ثَارُوا إلى ظهورهم،


(١) الفرا: الحمار الوحشى. ويقول الذين رووا هذا إن أبا سفيان استأذن على النبى «ص» فحجب قليلا، ثم أذن له، فلما دخل قال: ما كدت تأذن لى حتى تأذن لحجارة الجهلتين- وهما جانبا الوادى- فقال «ص» يا أبا سفيان أنت كَمَا قِيلَ: كُلّ الصّيْدِ فِي جَوْفِ الْفَرَا، يتألفه على الإسلام، وقيل معناه: إذا حجبتك قنع كل محجوب. يضرب المثل لمن يفضل على أقرانه. وانظر أصل المثل فى الأمثال للميدانى ص ١٣٦ ح ٢ ط السنة المحمدية.
(٢) رواه ابن أبى شيبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>