للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إسْلَامُ بِنْتِ أَبِي جَهْلٍ:

وَأَمّا بِنْتُ أَبِي جَهْلٍ، فَقَالَتْ حِينَ سَمِعَتْ الْأَذَانَ عَلَى الْكَعْبَةِ، فلما قال لمؤذن: أَشْهَدُ أَنّ مُحَمّدًا رَسُولُ اللهِ، قَالَتْ: عَمْرِي لَقَدْ أَكْرَمَك اللهُ وَرَفَعَ ذِكْرَك، فَلَمّا سَمِعَتْ: حَيّ عَلَى الصّلَاةِ، قَالَتْ: أَمّا الصّلَاةُ فَسَنُؤَدّيهَا، وَلَكِنْ وَاَللهِ مَا تُحِبّ قُلُوبُنَا مَنْ قَتَلَ الْأَحِبّةَ، ثُمّ قَالَتْ: إنّ هَذَا الْأَمْرَ لَحَقّ، وَقَدْ كَانَ الْمَلَكُ جَاءَ بِهِ أَبِي، وَلَكِنْ كَرِهَ مُخَالَفَةَ قَوْمِهِ وَدِينَ آبَائِهِ.

وَأَمّا أَبُو مَحْذُورَةَ الْجُمَحِيّ، وَاسْمُهُ: سَلَمَةُ بْنُ مِعْيَرٍ، وَقِيلَ سَمُرَةُ «١» ، فَإِنّهُ لَمّا سَمِعَ الْأَذَانَ، وَهُوَ مَعَ فتية من قريش خارج مكة أقبلوا يستهزؤن، وَيَحْكُونَ صَوْتَ الْمُؤَذّنِ غَيْظًا، فَكَانَ أَبُو مَحْذُورَةَ مِنْ أَحْسَنِهِمْ صَوْتًا، فَرَفَعَ صَوْتَهُ مُسْتَهْزِئًا بِالْأَذَانِ، فَسَمِعَهُ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ بِهِ فَمَثَلَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَهُوَ يَظُنّ أَنّهُ مَقْتُولٌ، فَمَسَحَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاصِيَتَهُ وَصَدْرَهُ بِيَدِهِ، قَالَ: فَامْتَلَأَ قَلْبِي وَاَللهِ إيمَانًا وَيَقِينًا وَعَلِمْت أَنّهُ رَسُولُ اللهِ، فَأَلْقَى عَلَيْهِ النّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْأَذَانَ، وَعَلّمَهُ إيّاهُ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذّنَ لِأَهْلِ مَكّةَ، وَهُوَ ابْنُ سِتّ عَشْرَةَ سَنَةً، فَكَانَ مُؤَذّنَهُمْ حَتّى مَاتَ ثُمّ عَقِبَهُ بَعْدَهُ يَتَوَارَثُونَ الْأَذَانَ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ، وَفِي أَبِي مَحْذُورَةَ يَقُولُ الشاعر:


(١) فى الاصابة عند البلاذرى عن اسمه: الأثبت أنه أدمس، وجزم ابن حزم فى أن سمرة أخوه. وخالف أبو اليقظان فجزم بأن أدمس بن معير قتل يوم بدر كافرا وأن اسم أبى مجذورة سلمان بن سمرة، وقيل غير ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>