. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصّدّيقُ: بَيْنَ عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هُمَا وَاحِدٌ، يَعْنِي فِي الْمَعْنَى، وَأَمّا فِي الْفَصَاحَةِ، فَاَلّذِي أُجْرِيَ عَلَى لِسَانِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْأَفْصَحُ فِي تَنْزِيلِ الْكَلَامِ وَتَرْتِيبِهِ، وَذَلِكَ أَنّ الْقَبْلِيّةَ تَكُونُ بِالْفَضْلِ نَحْوَ قوله تعالى: مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَتَكُونُ بِالرّتْبَةِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى حِينَ ذَكَرَ الْيَهُودَ وَالنّصَارَى، فَقَدِمَ الْيَهُودُ لِمُجَاوَرَتِهِمْ الْمَدِينَةَ، فَهُمْ فِي الرّتْبَةِ قَبْلَ النّصَارَى، وَقَبْلِيّةٌ بِالزّمَانِ نَحْوَ ذِكْرِ التّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ بَعْدَهُ وَنُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ، وَقَبْلِيّةٌ بِالسّبَبِ، وَهُوَ أَنْ يَذْكُرَ مَا هُوَ عِلّةُ الشّيْءِ وَسَبَبُ وُجُودِهِ، ثُمّ يَذْكُرُ الْمُسَبّبَ بَعْدَهُ، وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْكَلَامِ مِثْلُ أَنْ يَذْكُرَ مَعْصِيَةً وَعِقَابًا أَوْ طَاعَةً وَثَوَابًا فَالْأَجْوَدُ فِي حُكْمِ الْفَصَاحَةِ تَقْدِيمُ السّبَبِ.
الْقَبْلِيّةُ بَيْنَ الْأَقْرَعِ وَعُيَيْنَةَ:
وَالْأَقْرَعُ وَعُيَيْنَةُ مِنْ بَابِ قَبْلِيّةِ الْمَرْتَبَةِ، وَقَبْلِيّةِ الْفَضْلِ، أَمّا قَبْلِيّةُ الرّتْبَةِ فَإِنّهُ مِنْ خِنْدِفٍ، ثُمّ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَهُوَ أَقْرَبُ إلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عُيَيْنَةَ، فَتَرَتّبَ فِي الذّكْرِ قَبْلَهُ، وَأَمّا قَبْلِيّةُ الْفَضْلِ، فَإِنّ الْأَقْرَعَ حَسُنَ إسْلَامُهُ وَعُيَيْنَةَ لَمْ يَزَلْ مَعْدُودًا فِي أَهْلِ الْجَفَاءِ حَتّى ارْتَدّ وَآمَنَ بِطُلَيْحَةَ، وَأُخِذَ، أَسِيرًا فَجَعَلَ الصّبْيَانُ يَقُولُونَ لَهُ- وَهُوَ يُسَاقُ إلَى أَبِي بَكْرٍ- وَيْحَك يَا عَدُوّ اللهِ ارْتَدَدْت بَعْدَ إيمَانِك، فَيَقُولُ: وَاَللهِ مَا كُنْت آمَنْت، ثُمّ أَسْلَمَ فِي الظّاهِرِ، وَلَمْ يَزَلْ جَافِيًا أَحْمَقَ حَتّى مَاتَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute