للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تَرَى: هَلْ كَانَ مُفْرِدًا أَوْ قَارِنًا، أَوْ مُتَمَتّعًا، وَكُلّهَا صِحَاحٌ إلّا مَنْ قَالَ: كَانَ مُتَمَتّعًا، وَأَرَادَ بِهِ أَنّهُ أَهَلّ بِعُمْرَةٍ، وَأَمّا مَنْ قَالَ:

تَمَتّعَ رَسُولُ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَيْ: أَمَرَ بِالتّمَتّعِ، وَفَسْخِ الْحَجّ بِالْعُمْرَةِ، فَقَدْ يَصِحّ هَذَا التّأْوِيلُ، وَيَصِحّ أَيْضًا أَنْ يُقَالَ تَمَتّعَ إذَا قَرَنَ، لِأَنّ الْقِرَانَ ضَرْبٌ مِنْ الْمُتْعَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ إسْقَاطِ أَحَدِ السّفَرَيْنِ. وَاَلّذِي يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ حَدِيثُ الْبُخَارِيّ أَنّهُ أَهَلّ بِالْحَجّ، فَلَمّا كَانَ بِالْعَقِيقِ أَتَاهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ لَهُ: إنّك بِهَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ، فَقُلْ: لَبّيْكَ بِحَجّ وَعُمْرَةٍ مَعًا، فَقَدْ صَارَ قَارِنًا بَعْدَ أَنْ كَانَ مُفْرِدًا، وَصَحّ الْقَوْلَانِ جَمِيعًا، وَأَمْرُهُ لِأَصْحَابِهِ أَنْ يَفْسَخُوا الْحَجّ بِالْعُمْرَةِ خُصُوصٌ لَهُمْ، وَلَيْسَ لِغَيْرِهِمْ أَنْ يَفْعَلَهُ، وَإِنّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيُذْهِبَ مِنْ قُلُوبِهِمْ أَمْرَ الْجَاهِلِيّةِ فِي تَحْرِيمِهِمْ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجّ، فَكَانُوا يَرَوْنَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ، وَيَقُولُونَ: إذَا بَرَأَ الدّبَرُ «١» ، وَعَفَا الْأَثَرُ، وَانْسَلَخَ صَفَرُ حَلّتْ الْعُمْرَةُ لِمَنْ اعْتَمَرَ، وَلَمْ يَفْسَخْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجّهُ كَمَا فَعَلَ أَصْحَابُهُ، لِأَنّهُ سَاقَ الْهَدْيَ، وَقَلّدَهُ، وَاَللهُ سُبْحَانَهُ يَقُولُ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ وَقَالَ حِينَ رَأَى أَصْحَابَهُ قَدْ شَقّ عَلَيْهِمْ خِلَافُهُ: لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت لَجَعَلْتهَا عُمْرَةً، وَلَمَا سُقْت الْهَدْي «٢» ، قَالَ شَيْخُنَا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: إنّمَا نَدِمَ على ترك


(١) الدبر: الجرح الذى يكون فى ظهر البعير.. وقيل: هو أن يقرح خف البعير.
(٢) فى صحيح البخارى عن ابن عباس قال: «أهل المهاجرون والأنصار وأزواج النبى «ص» فى حجة الوداع، وأهللنا، فلما قدمنا مكة قال رسول الله-

<<  <  ج: ص:  >  >>