للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

دَعَا النّاسَ، فَكَانَ أَشَدّهُمْ عَلَيْهِ قُرَيْشٌ، وَأَعْدَاهُمْ لَهُ يَهُودُ، وَأَقْرَبَهُمْ مِنْهُ النّصَارَى، وَلَعَمْرِي مَا بِشَارَةُ مُوسَى بِعِيسَى إلّا كَبِشَارَةِ عِيسَى بِمُحَمّدٍ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَا دُعَاؤُنَا إيّاكَ إلَى الْقُرْآنِ إلّا كَدُعَائِك أَهْلَ التّوْرَاةِ إلَى الْإِنْجِيلِ، وَكُلّ نَبِيّ أَدْرَكَ قَوْمًا فَهُمْ مِنْ أُمّتِهِ فَالْحَقّ عَلَيْهِمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، فَأَنْتَ مِمّنْ أَدْرَكَهُ هَذَا النّبِيّ، وَلَسْنَا نَنْهَاك عَنْ دِينِ الْمَسِيحِ، وَلَكِنْ نَأْمُرُك بِهِ» قَالَ الْمُقَوْقِسُ: «إنّي قَدْ نَظَرْت فِي أَمْرِ هَذَا النّبِيّ، فَوَجَدْته لا يأمر يمزهود فِيهِ، وَلَا يَنْهَى إلّا عَنْ مَرْغُوبٍ عَنْهُ، وَلَمْ أَجِدْهُ بِالسّاحِرِ الضّالّ، وَلَا الْكَاهِنِ الْكَاذِبِ، وَوَجَدْت مَعَهُ آلَةَ «١» النّبُوّةِ بِإِخْرَاجِ الْخَبْءِ وَالْإِخْبَارِ بِالنّجْوَى «٢» ، وَسَأَنْظُرُ فَأَهْدَى لِلنّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمّ إبْرَاهِيمَ الْقِبْطِيّةَ، وَاسْمُهَا: مَارِيَةُ بِنْتُ شَمْعُونَ، وَأُخْتَهَا مَعَهَا، وَاسْمُهَا سِيرِينُ وَهِيَ أُمّ عبد الرّحمن


(١) فى شرح المواهب: «كذا فى العيون، اى: علامتها، عبر عنها بالآلة. لأنها سبب فى تحقيقها، وإظهارها. وفى الروض: آية. وهى العلامة بلا تكلف» غير أن الروض كما ترى ذكر آلة فلعل صاحب المواهب كان يطلع على نسخة أخرى.
(٢) يقال: إن المقوقس علم هذا من الأخبار الواردة عليه بذلك قبل كتابة النبى إليه فقد ذكر الوافدى أن المغيرة بن شعبة لقى المقوقس، وسأله عن النبى، فلما أجابه بما أجابه به قال: هذا نبى مرسل إلى الناس كافة، ولو أصاب القبط والروم لا تبعوه. وعند ابن عبد الحكم أنه أخذ كتاب النبى «ص» رضمه إلى صدره، وقال: هذا زمان النبى الذى نجد نعته فى كتاب الله، وحفظ الكتاب فى حق من عاج. وقد ورد أن الكسوة كانت عشرين ثوبا. وانظر ص ٤٥ وما بعدها كتاب فتوح مصر وأخبارها لابن عبد الحكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>