للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

شُجَاعٌ وَجَبَلَةُ:

وَأَمّا شُجَاعُ بْنُ وَهْبٍ، فَقَدِمَ عَلَى جَبَلَةَ بْنِ الْأَيْهَمِ، وَهُوَ جَبَلَةُ بْنُ الأيهم ابن الْحَارِثِ بْنِ أَبِي شِمْرٍ، وَجَبَلَةُ، وَهُوَ الّذِي أَسْلَمَ ثُمّ تَنَصّرَ مِنْ أَجْلِ لَطْمَةٍ حَاكَمَ فِيهَا إلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرّاحِ وَكَانَ طُولُهُ اثْنَيْ عَشَرَ شِبْرًا، وَكَانَ يَمْسَحُ بِرِجْلَيْهِ الْأَرْضَ، وَهُوَ رَاكِبٌ، فَقَالَ لَهُ: يَا جَبَلَةُ إنّ قَوْمَك نَقَلُوا هَذَا النّبِيّ الْأُمّيّ مِنْ دَارِهِ إلَى دَارِهِمْ، يَعْنِي: الْأَنْصَارَ، فَآوَوْهُ، وَمَنَعُوهُ، وَإِنّ هَذَا الدّينَ الّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ لَيْسَ بِدِينِ آبَائِك، وَلَكِنّك مَلَكْت الشّامَ وَجَاوَرْت بِهَا الرّومَ، وَلَوْ جَاوَرْت كِسْرَى دِنْت بِدِينِ الْفُرْسِ لملك العراق، وقد أفرّ بِهَذَا النّبِيّ الْأُمّيّ مِنْ أَهْلِ دِينِك مَنْ إنْ فَضّلْنَاهُ عَلَيْك لَمْ يُغْضِبْك، وَإِنْ فَضّلْنَاك عَلَيْهِ لَمْ يُرْضِك، فَإِنْ أَسْلَمْت أَطَاعَتْك الشّامُ وَهَابَتْك الرّومُ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا كَانَتْ لَهُمْ الدّنْيَا وَلَك الْآخِرَةُ، وَكُنْت قَدْ اسْتَبْدَلْت الْمَسَاجِدَ بِالْبِيَعِ، وَالْأَذَانَ بِالنّاقُوسِ، وَالْجُمَعَ بِالشّعَانِينِ «١» ، وَالْقِبْلَةَ بِالصّلِيبِ، وَكَانَ مَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى، فَقَالَ لَهُ جَبَلَةُ: إنّي وَاَللهِ لَوَدِدْت أَنّ النّاسَ أَجْمَعُوا عَلَى هَذَا النّبِيّ الْأُمّيّ اجْتِمَاعَهُمْ عَلَى خَلْقِ السّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَقَدْ سَرّنِي اجْتِمَاعُ قَوْمِي لَهُ، وَأَعْجَبَنِي قَتْلُهُ أَهْلَ الْأَوْثَانِ وَالْيَهُودَ، وَاسْتِبْقَاؤُهُ النّصَارَى، وَلَقَدْ دَعَانِي قَيْصَرُ إلَى قِتَالِ أَصْحَابِهِ يَوْمَ مُؤْتَةَ، فَأَبَيْت عَلَيْهِ، فَانْتَدَبَ مَالِكَ بْنَ نافلة


(١) عيد صليبى يقع يوم الأحد السابق لعيد الفصح يحتفل فيه بحمل السعف ذكرى لدخول المسيح- كما قيل- بيت المقدس.

<<  <  ج: ص:  >  >>