للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مِنْ سَعْدِ الْعَشِيرَةِ فَقَتَلَهُ اللهُ، وَلَكِنّي لَسْت أَرَى حَقّا يَنْفَعُهُ، وَلَا بَاطِلًا يَضُرّهُ وَاَلّذِي يَمُدّنِي إلَيْهِ أَقْوَى مِنْ الّذِي يَخْتَلِجُنِي عَنْهُ، وَسَأَنْظُرُ

الْمُهَاجِرُ وَابْنُ كُلَالٍ:

وَأَمّا الْمُهَاجِرُ بْنُ أَبِي أُمَيّةَ، فَقَدِمَ عَلَى الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ، وَقَالَ لَهُ:

يَا حَارِثُ إنّك كُنْت أَوّلَ مَنْ عَرَضَ عَلَيْهِ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ، فَخَطِئْت عَنْهُ، وَأَنْتَ أَعْظَمُ الْمُلُوكِ قَدْرًا، فَإِذَا نَظَرْت فِي غَلَبَةِ الْمُلُوكِ، فَانْظُرْ فِي غَالِبِ الْمُلُوكِ، وَإِذَا سَرّك يَوْمُك فَخَفْ غَدَك، وَقَدْ كَانَ قَبْلَك مُلُوكٌ ذَهَبَتْ آثارها وبقيت أخبارها، عاشوا طويلا، وأمّلوا بَعِيدًا وَتَزَوّدُوا قَلِيلًا، مِنْهُمْ مَنْ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَكَلَتْهُ النّقَمُ، وَإِنّي أَدْعُوك إلَى الرّبّ الّذِي إنْ أَرَدْت الْهُدَى لم يَمْنَعْك، وَإِنْ أَرَادَك لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْك أَحَدٌ، وَأَدْعُوك إلَى النّبِيّ الْأُمّيّ الّذِي لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ أَحْسَنُ مِمّا يَأْمُرُ بِهِ، وَلَا أَقْبَحُ مِمّا يَنْهَى عَنْهُ، وَاعْلَمْ أَنّ لَك رَبّا يُمِيتُ الْحَيّ وَيُحْيِي الْمَيّتَ، وَيَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ، وَمَا تُخْفِي الصّدُورُ، فَقَالَ الْحَارِثُ: قَدْ كَانَ هَذَا النّبِيّ عَرَضَ نَفْسَهُ عَلَيّ فَخَطِئْت عَنْهُ، وَكَانَ ذُخْرًا لِمَنْ صَارَ إلَيْهِ، وَكَانَ أَمْرُهُ أَمْرًا سَبَقَ، فَحَضَرَهُ الْيَأْسُ وَغَابَ عَنْهُ الطّمَعُ، وَلَمْ يَكُنْ لِي قَرَابَةٌ أَحْتَمِلُهُ عَلَيْهَا، وَلَا لِي فِيهِ هَوًى أَتّبِعُهُ لَهُ، غَيْرَ أَنّي أَرَى أَمْرًا لَمْ يُوَسْوِسْهُ الْكَذِبُ، وَلَمْ يُسْنِدْهُ الْبَاطِلُ. لَهُ بَدْءٌ سَارّ، وَعَاقِبَةٌ نَافِعَةٌ، وَسَأَنْظُرُ. وَمِمّا قَالَهُ دِحْيَةُ بْنُ خَلِيفَةَ فِي قُدُومِهِ عَلَى قيصر:

ألا هل أناها على نأيها ... فإنى قدمت على قيصر

فقدرته بصلاة المسي ... ح وَكَانَتْ مِنْ الْجَوْهَرِ الْأَحْمَرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>