للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أُمَالِئَكُمْ عَلَى هَذَا الرّأْيِ، وَقَالَ لَهُمْ: وَاَللهِ لَوْ أَفْرَدْت مِنْ جَمِيعِكُمْ لَقَاتَلْتهمْ وَحْدِي حَتّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي، وَلَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا، لَجَاهَدْتهمْ عَلَيْهِ، أو فى شَكّ أَنْتُمْ، أَنّ وَعَدَ اللهِ لَحَقّ. وَإِنّ قَوْلَهُ لَصِدْقٌ، وَلَيُظْهِرَنّ اللهُ هَذَا الدّينَ، وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ. ثُمّ خَرَجَ وَحْدَهُ إلَى ذِي الْقِصّةِ «١» حَتّى اتّبَعُوهُ، وَسَمِعَ الصّوْتَ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي كُلّ قَبِيلَةٍ أَلَا إنّ الْخَلِيفَةَ قَدْ تَوَجّهَ إلَيْكُمْ الْهَرَبَ الْهَرَبَ، حَتّى اتّصَلَ الصّوْتُ مِنْ يَوْمِهِ بِبِلَادِ حِمْيَرَ، وَكَذَلِكَ فِي أَكْثَرِ أَحْوَالِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، كَانَ يَلُوحُ الْفَرَقُ فِي التّأَلّهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ حِينَ قَالَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَمِعْتُك وَأَنْتَ تَخْفِضُ مِنْ صَوْتِك يَعْنِي فِي صَلَاةِ اللّيْلِ، فقال: قد أسمعت من ناحجيت، وَقَالَ: لِلْفَارُوقِ: سَمِعْتُك وَأَنْتَ تَرْفَعُ مِنْ صَوْتِك، فَقَالَ: كَيْ أَطْرُدَ الشّيْطَانَ، وَأُوقِظَ الْوَسْنَانَ. قَالَ عبد الكريم ابن هَوَازِنَ الْقُشَيْرِيّ «٢» ، وَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ: اُنْظُرُوا إلَى فَضْلِ الصّدّيقِ عَلَى الْفَارُوقِ، هَذَا فِي مَقَامِ الْمُجَاهَدَةِ، وَهَذَا فِي بِسَاطِ الْمُشَاهَدَةِ، وَكَذَلِكَ مَا كَانَ مِنْهُ يَوْمَ بَدْرٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَا مَقَالَتَهُ لِلنّبِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَهُوَ مَعَهُ فِي الْعَرِيشِ، وَكَذَلِكَ فِي أَمْرِ الصّدَقَةِ حِينَ رَغِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهَا، فَجَاءَ عُمَرُ بِنِصْفِ مَالِهِ، وَجَاءَ الصّدّيقُ بِجَمِيعِ مَالِهِ، فَقَالَ لَهُ النّبِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ: مَا أَبْقَيْت لِأَهْلِك؟ قَالَ: اللهَ وَرَسُولَهُ، وَكَذَلِكَ فَعَلَهُ فِي قِسْمِ الْفَيْءِ حِينَ سَوّى بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ: هُمْ إخْوَةٌ، أَبُوهُمْ الْإِسْلَامُ، فَهُمْ فى هذا


(١) مكان على يريد من المدينة. وهناك غيره، فانظر المشترك وضعا لياقوت.
(٢) هو صاحب الرسالة القشيرية التى دس فيها من التصوف نزغات صارفة من الحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>