. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الْفَيْءِ أُسْوَةٌ، وَأُجُورُ أَهْلِ السّوَابِقِ عَلَى اللهِ. وَفَضْلُ عُمَرَ فِي قَسْمِ الْفَيْءِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ عَلَى حَسَبِ سَوَابِقِهِمْ، ثُمّ قَالَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ: لَئِنْ بَقِيت إلَى قَابِلٍ لَأُسَوّيَنّ بَيْنَ النّاسِ، وَأَرَادَ الرّجُوعَ إلَى رَأْيِ أَبِي بَكْرٍ، ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَعَنْ جَمِيعِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
مَا حَدَثَ لِلصّحَابَةِ عَقِبَ وَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
وَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَغَيْرِهَا مِنْ الصّحَابَةِ أَنّ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمّا قُبِضَ، وَارْتَفَعَتْ الرّنّةُ وَسَجّى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَلَائِكَةَ، دُهِشَ الناس، وطاشت عقولهم وأفحموا، وَاخْتَلَطُوا، فَمِنْهُمْ مَنْ خُبِلَ، وَمِنْهُمْ مَنْ أُصْمِتَ، وَمِنْهُمْ مَنْ أُقْعِدَ إلَى أَرْضٍ، فَكَانَ عُمَرُ مِمّنْ خُبِلَ وَجَعَلَ يَصِيحُ، وَيَحْلِفُ: مَا مَاتَ رَسُولُ اللهِ- صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ- وكان مِمّنْ أُخْرِسَ عُثْمَانُ بْنُ عَفّانَ حَتّى جَعَلَ يُذْهَبُ بِهِ وَيُجَاءُ، وَلَا يَسْتَطِيعُ كَلَامًا، وَكَانَ مِمّنْ أُقْعِدَ: عَلِيّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ حَرَاكًا، وَأَمّا عَبْدُ اللهِ بْنُ أُنَيْسٍ، فَأُضْنِيَ حَتّى مَاتَ كَمَدًا، وَبَلَغَ الْخَبَرُ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَهُوَ بِالسّنْحِ «١» ، فَجَاءَ وعيناه نهملان، وزفراته نتردّد فِي صَدْرِهِ، وَغُصَصُهُ تَرْتَفِعُ كَقِطَعِ الْجِرّةِ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ، جَلْدُ الْعَقْلِ وَالْمَقَالَةِ، حَتّى دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَكَبّ عَلَيْهِ، وَكَشَفَ وَجْهَهُ وَمَسَحَهُ وَقَبّلَ جَبِينَهُ، وَجَعَلَ يَبْكِي، وَيَقُولُ: بِأَبِي
(١) ضبطها البكرى بصم النون وغيره بسكونها.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute