للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

موسرا فكان- فيما يزعمون- إذا حضر الحجّ، قام فى قريش فقال: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إنّكُمْ جِيرَانُ اللهِ، وَأَهْلُ بَيْتِهِ، وَإِنّهُ يَأْتِيكُمْ فِي هَذَا الْمَوْسِمِ زُوّارُ اللهِ وَحُجّاجُ بَيْتِهِ، وَهُمْ ضَيْفُ اللهِ، وَأَحَقّ الضّيْفِ بِالْكَرَامَةِ: ضَيْفُهُ، فَاجْمَعُوا لَهُمْ مَا تَصْنَعُونَ لهم به طعاما أيامهم هذه التى لابدّ لَهُمْ مِنْ الْإِقَامَةِ بِهَا؛ فَإِنّهُ- وَاَللهِ- لَوْ كَانَ مَالِي يَسَعُ لِذَلِك مَا كَلّفْتُكُمُوهُ» . فَيُخْرِجُونَ لذلك خرجا من أموالهم، كلّ امرىء بقدر ما عنده، فيصنع به للحجّاج طعام، حتى يصدروا منها.

وَكَانَ هَاشِمٌ- فِيمَا يَزْعُمُونَ- أَوّلَ مَنْ سَنّ الرّحْلَتَيْنِ لِقُرَيْشِ: رِحْلَتَيْ الشّتَاءِ وَالصّيْفِ، وَأَوّلَ مَنْ أطعم الثريد للحجاج بِمَكّةَ، وَإِنّمَا كَانَ اسْمُهُ: عَمْرًا، فَمَا سُمّيَ هَاشِمًا إلّا بِهَشْمِهِ الْخُبْزَ بِمَكّةَ لِقَوْمِهِ، فَقَالَ شَاعِرٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَوْ مِنْ بَعْضِ الْعَرَبِ:

عَمْرُو الّذِي هَشَمَ الثّرِيدَ لِقَوْمِهِ ... قَوْمٍ بِمَكّةَ مُسْنِتِينَ عِجَافِ

سُنّتْ إلَيْهِ الرّحْلَتَانِ كِلَاهُمَا ... سَفَرُ الشتاء، ورحلة الإيلاف

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَنْشَدَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشّعْرِ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ

قَوْمٌ بِمَكّةَ مُسْنِتِينَ عجاف

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمّ هَلَكَ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ بِغَزّةَ مِنْ أَرْضِ الشّامِ تَاجِرًا، فَوَلِيَ السّقَايَةَ وَالرّفَادَةَ مِنْ بَعْدِهِ الْمُطّلِبُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ، وَكَانَ أَصْغَرَ مِنْ عَبْدِ شَمْسٍ وَهَاشِمٍ، وَكَانَ ذَا شَرَفٍ فِي قَوْمِهِ وَفَضْلٍ، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ إنّمَا تُسَمّيهِ: الْفَيْضَ لِسَمَاحَتِهِ وَفَضْلِهِ.

وَكَانَ هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَتَزَوّجَ سَلْمَى بِنْتَ عَمْرٍو أَحَدِ بَنِي عَدِيّ بْنِ النّجّارِ، وَكَانَتْ قَبْلَهُ عِنْدَ أُحَيْحَةَ بْنِ الْجُلَاحِ بْنِ الْحَرِيشِ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ: الحريش بن جحجبي بن كلفة بن عوف بن عمرو

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>