للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن عَوْفِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْأَوْسِ، فَوَلَدَتْ لَهُ عمرو بن أحيحة، وكانت لاتنكح الرّجَالَ لِشَرَفِهَا فِي قَوْمِهَا حَتّى يَشْتَرِطُوا لَهَا أَنّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا، إذَا كَرِهَتْ رَجُلًا فَارَقَتْهُ.

فَوَلَدَتْ لِهَاشِمِ عَبْدَ الْمُطّلِبِ، فَسَمّتْهُ: شَيْبَةَ، فَتَرَكَهُ هَاشِمٌ عِنْدَهَا حَتّى كَانَ وَصِيفًا، أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ، ثُمّ خَرَجَ إلَيْهِ عَمّهُ الْمُطّلِبُ؛ لِيَقْبِضَهُ، فَيُلْحِقَهُ بِبَلَدِهِ وَقَوْمِهِ فَقَالَتْ لَهُ سَلْمَى: لَسْتُ بِمُرْسَلَتِهِ مَعَك، فَقَالَ لَهَا الْمُطّلِبُ: إنّي غَيْرُ منصرف حتى أخرج به معى، إنّ ابن أَخِي قَدْ بَلَغَ، وَهُوَ غَرِيبٌ فِي غَيْرِ قَوْمِهِ، وَنَحْنُ أَهْلُ بَيْتِ شَرَفٍ فِي قَوْمِنَا، نلى كثيرا من أمرهم، وَقَوْمُهُ وَبَلَدُهُ وَعَشِيرَتُهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ الْإِقَامَةِ فِي غَيْرِهِمْ، أَوْ كَمَا قَالَ. وَقَالَ شَيْبَةُ لِعَمّهِ الْمُطّلِبِ- فِيمَا يَزْعُمُونَ- لَسْتُ بِمُفَارِقِهَا إلّا أَنْ تَأْذَنَ لِي، فَأَذِنَتْ لَهُ، وَدَفَعَتْهُ إلَيْهِ، فَاحْتَمَلَهُ، فَدَخَلَ بِهِ مَكّةَ مُرْدِفَهُ مَعَهُ عَلَى بَعِيرِهِ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: عَبْدُ الْمُطّلِبِ ابْتَاعَهُ، فَبِهَا سُمّيَ: شَيْبَةُ عَبْدَ الْمُطّلِبِ. فَقَالَ الْمُطّلِبُ: وَيْحَكُمْ! إنّمَا هُوَ ابْنُ أَخِي هَاشِمٍ، قَدِمْتُ بِهِ من المدينة.

ثُمّ هَلَكَ الْمُطّلِبُ بِرَدْمَانَ مِنْ أَرْضِ الْيَمَنِ، فقال رجل من العرب يبكيه:

قد ظمىء الْحَجِيجُ بَعْدَ الْمُطّلِبِ ... بَعْدَ الْجِفَانِ وَالشّرَابِ المُنْثَعِبْ

لَيْتَ قُرَيْشًا بَعْدَهُ عَلَى نَصَبْ

وَقَالَ مَطْرُودُ بْنُ كَعْبٍ الْخُزَاعِيّ، يَبْكِي الْمُطّلِبَ وَبَنِيّ عَبْدِ مَنَافٍ جَمِيعًا حِينَ أَتَاهُ نَعْيُ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَكَانَ نَوْفَلٌ آخِرَهُمْ هُلْكًا:

يَا لَيْلَةً هَيّجْت لَيْلَاتِي ... إحْدَى لَيَالِيّ الْقَسِيّاتِ

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>